بحث كامل عن طلاق الحائض

الموضوع في 'منتدى ايجى نت الاسلامى' بواسطة شعبانت, بتاريخ ‏3 مايو 2014.

  1. شعبانت

    شعبانت Member


    بحث كامل عن طلاق الحائض
    بسم الله الرحمن الرحيم
    بعد أن يسر الله لي إتمام شرح منهج السالكين من ثلاث سنين شرعت في الكتابة في مسائل الطلاق ومن المسائل التي يكثر الكلام حولها ولها أثر عملي في واقع الفتوى طلاق الحائض وطلاق الثلاث المجموعة فرغبت من أخي أبي المهند أن ينزل مسألة طلاق الحائض في هذا الموقع المبارك حتى أستفيد من ملاحظات وتوجيه من يطلع عليه من إخوتي من المشايخ وطلاب العلم في هذه المسألة الهامة
    مقدمة
    هذه المسألة من أصعب مسائل الطلاق فهي من المسائل الكبار التي وقع الخلاف فيها وترددت أقوال العلماء فيها فتارة نجد عالما يرجح القول بوقوع طلاق الحائض ثم يتغير اجتهاده قال الصنعاني : كنا نفتي بعدم الوقوع وكتبنا فيه رسالة وتوقفنا مدة ثم رأينا وقوعه... ثم إنه قوي عندي ما كنت أفتي به أولا من عدم الوقوع لأدلة قوية سقتها في رسالة سميناها الدليل الشرعي في عدم وقوع الطلاق البدعي. ([1]) وكذلك سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز كان يفتي بوقوع طلاق الحائض ثم رجع عن هذا القول وأفتى بعدم الوقوع([2])
    وحينما تكلم ابن القيم على المسألة ختم كلامه بقوله : هذا منتهى أقدام الطائفتين في هذه المسألة الضيقة المعترك، الوعرة المسلك التي يتجاذب أعنة أدلتها الفرسان، وتتضاءل لدى صولتها شجاعة الشجعان، وإنما نبهنا على مأخذها وأدلتها ليعلم الغر الذي بضاعته من العلم مزجاة، أن هناك شيئا آخر وراء ما عنده، وأنه إذا كان ممن قصر في العلم باعه، فضعف خلف الدليل، وتقاصر عن جني ثماره ذراعه، فليعذر من شمر عن ساق عزمه، وحام حول آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحكيمها، والتحاكم إليها بكل همة، وإن كان غير عاذر لمنازعه في قصوره ورغبته عن هذا الشأن البعيد، فليعذر منازعه في رغبته عما ارتضاه لنفسه من محض التقليد، ولينظر مع نفسه أيهما هو المعذور، وأي السعيين أحق بأن يكون هو السعي المشكور، والله المستعان وعليه التكلان، وهو الموفق للصواب، الفاتح لمن أم بابه طالبا لمرضاته من الخير كل باب ([3])
    وقال الشيخ صديق حسن خان : هذه المسألة من المعارك التي لا يجول في حافاتها إلا الأبطال ولا يقف على تحقيق الحق في أبوابها إلا أفراد الرجال والمقام يضيق عن تحريرها على وجه ينتج المطلوب فمن رام الوقوف على سرها فعليه بمؤلفات ابن حزم كالمحلي ومؤلفات ابن القيم كالهدي ... ([4])
    و قال شيخنا الشيخ محمد بن عثيمين : هذه المسألة التي فيها هذا الخلاف تحتاج إلى عناية تامة من طالب العلم؛ لأن سبيل الاحتياط فيها متعذر ... فمسألة الطلاق في الحيض من أكبر مهمات هذا الباب، ويجب على الإنسان أن يحققها بقدر ما يستطيع، حتى يصل فيها إلى ما يراه صوابا؛ لأن المسألة ما فيها احتياط، بل المسألة خطيرة،([5])
    و للأمير محمد بن إسماعيل الصنعاني رسالة في هذه المسألة وكذلك الشوكاني([6])ـ ولم أقف عليهما
    ويبنى على الترجيح في وقوع الطلاق أو عدمه الترجيح في مسائل أخرى هل يقع طلاق النفساء و من طلقت في طهر جومعت فيه وهي ليست حاملا ولا صغيرة وطلاق الثلاث المجموعة.

    تحرير محل الخلاف : المقصود في هذه المسألة طلاق الحائض المدخول بها فلا يدخل في هذه المسألة التي لم يخل بها زوجها ولا الحائض الحامل ـ على من يرى أن الحامل تحيض ـ

    اختلاف أهل العلم في هذه المسألة : لأهل العلم في هذه المسألة ثلاثة أقوال :

    القول الأول : لايقع طلاق الحائض : قال بهذا القول بعض المالكية([7]) وهو أحد الوجهين في مذهب أحمد([8]) واختاره بعض الحنابلة([9]) و ابن عقيل منهم ([10]) وشيخ الإسلام ابن تيمية ([11])و ابن القيم([12]) و محمد بن إسماعيل الصنعاني([13]) و الشوكاني([14]) وصديق حسن خان([15]) وأحمد شاكر([16]) والشيخ عبد الرزاق عفيفي([17]) و الشيخ عبدالعزيز بن باز([18]) و شيخنا الشيخ محمد العثيمين([19])
    وينسب هذا القول لابن عمر وابن مسعود وابن عباس وطاوس وعمر بن خلاس و لأبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي والشعبي والفقهاء السبعة و محمد بن إسحاق و للحجاج بن أرطاة ـ و ستأتي مناقشة صحة هذه النسبة وثبوتها ـ وقال به إبراهيم بن إسماعيل بن عُلية وهشام بن الحكم([20]) والشيعة([21]) و الخوارج([22])
    القول الثاني : لايقع الطلاق في الحيض إلا إذا كان الطلاق ثلاثا أو الطلقة الثالثة وهذا مذهب ابن حزم([23])
    القول الثالث :
    يقع طلاق الحائض وهذا قول جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة و غيرهم
    أدلة القول الأول :
    أولا أدلة الكتاب :
    الدليل الأول : قوله تعالى { الطلاق مرتان }
    وجه الاستدلال : لم يرد إلا المأذون فيه من الطلاق فدل على أن ما عداه ليس بطلاق ([24]) .
    الرد : دلت الآية على أن الطلاق الرجعي الشرعي مرتان و ليس في الآية ما يدل على أن من خالف ذلك لم يقع طلاقه و هذا الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم حيث أفتوا بوقوع طلاق الحائض([25]) و النفساء([26]) و ببينونة الزوجة من زوجها إذا طلقها ثلاثا مرة واحدة([27]) مع أنه مخالف للسنة .
    الدليل الثاني : قول الله تعالى { فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان }
    وجه الاستدلال : لا أقبح من التسريح الذي حرمه الله فهو منهي عنه فلا يصح ([28])
    الرد : الطلاق في الحيض منهي عنه لكن ليس في الآية ما يدل على عدم وقوعه و ليس كل نهي فاسد كما سيأتي
    الدليل الثالث : قوله تعالى { يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن }
    وجه الاستدلال : المطلق في حال الحيض أو في الطهر الذي وطئ فيه ولم يستبن الحمل لم يطلق لتلك العدة التي أمر الله بتطليق النساء لها كما صرح في حديث ابن عمر وقد تقرر في الأصول أن الأمر بالشيء نهي عن ضده والمنهي عنه نهيا لذاته أو لجزئه أو لشرطه أو لوصفه اللازم يقتضي الفساد والفاسد لا يثبت حكمه وطلاق المرأة الحائض خلاف أمر الله و خلاف أمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيكون باطلا([29])
    الرد : ليس كل نهي يقتضي الفساد فإذا كان النهي لأمر خارج عن المنهي عنه فالمنهي عنه مباح في الأصل لكن حينما تعلق به أمر خارجي نهي عنه فالعقد صحيح مع الإثم فعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تُصَرُّوا الْإِبِلَ وَالْغَنَمَ فَمَنْ ابْتَاعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا فَإِنْ رَضِيَهَا أَمْسَكَهَا وَإِنْ سَخِطَهَا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ" ([30]) فأثبت النبي صلى الله عليه وسلم في بيع التدليس الخيار ـ و هو فرع عن صحة البيع ـ مع نهيه عنه فالبيع الأصل مباح لكن نهي عنه لأجل الغش وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تَلَقَّوْا الْجَلَبَ فَمَنْ تَلَقَّاهُ فَاشْتَرَى مِنْهُ فَإِذَا أَتَى سَيِّدُهُ السُّوقَ فَهُوَ بِالْخِيَارِ"([31]) فنهى عن تلقي الجلب لأنه يضر بالناس وصحح العقد بإثبات الخيار . وكذلك النهي عن طلاق الحائض فالأصل في الطلاق أنه مباح لكن نهي عنه لأمر خارجي عن الطلاق وليس نهيا لذات الطلاق أو لجزئه أو لوصفه اللازم فيصح الطلاق مع الإثم فيؤمر المطلق بالرجعة تغييرا للمنكر الذي صدر منه
    قال العلائي : طلاق الحائض فإنه [النهي فيه] ليس لذاته بل لما يقترن به من تطويل العدة ... فالنهي متى ظهر فيه أنه لأمر خارجي لم يكن دالا على الفساد و إذا لم يظهر فيه ذلك حمل على الفساد سواء تحقق فيه أنه لعين المنهي عنه أو لوصفه اللازم أو لم يتحقق ذلك ([32])
    وقال ابن رجب : الطلاق المنهي عنه ، كالطلاق في زمن الحيض ، فإنه قد قيل : إنه قد نهي عنه لحق الزوج ، حيث كان يخشى عليه أن يعقبه فيه الندم ، ومن نهي عن شيء رفقا به ، فلم ينته عنه ، بل فعله وتجشم مشقته ، فإنه لا يحكم ببطلان ما أتى به ، كمن صام في المرض أو السفر ... وقيل : إنما نهي عن طلاق الحائض ، لحق المرأة لما فيه من الإضرار بها بتطويل العدة ... فإن قيل : إن التحريم فيه لحق الزوج خاصة ، فإذا أقدم عليه ، فقد أسقط حقه فسقط ، وإن علل بأنه لحق المرأة ، لم يمنع نفوذه ووقوعه أيضا ، فإن رضا المرأة بالطلاق غير معتبر ([33])
    وقال السرخسي : النهي إذا كان لمعنى في غير المنهي عنه لا يعدم المنهي عنه ولا يمنع نفوذه شرعا كالنهي عن الصلاة في الأرض المغصوبة والنهي عن البيع عند النداء يوم الجمعة وهنا النهي لمعني في غير الطلاق من تطويل العدة واشتباه أمر العدة عليها أو سد باب التلاقي عند الندم فلا يمنع النفاذ([34])
    وقال الماوردي : النهي إذا كان لمعنى ولا يعود إلى المنهي عنه لم يكن النهي موجبا لفساد ما نهي عنه ([35])

    ثانيا الأدلة من السنة :

    الدليل الرابع : عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد"([36])
    وجه الاستدلال : الرد أي المردود والطلاق خلاف عمل النبي صلى الله عليه وسلم فهو مردود
    الرد : هذا الدليل عام وثبت وقوع طلاق الحائض بالدليل الخاص فالخاص مقدم على العام و ليس كل عقد خالف أمر الشارع مردود كما تقدم
    ولم يطردوا مذهبهم في رد الطلاق البدعي فالطلاق ثلاثا بدعي ويوقعونه واحدة([37]) كما سيأتي ([38])
    الدليل الخامس : عن أبي الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع فقال كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا فقال إن ابن عمر طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر يا رسول الله إن عبد الله طلق امرأته وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها علي ولم يرها شيئا وقال فردها إذا طهرت فليطلق أو يمسك قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن ([39])
    وجه الاستدلال من عدة وجوه :
    1 : قوله "ولم يرها شيئا" نص من كلام رسول الله بعدم احتساب الطلاق في الحيض بخلاف الروايات الأخرى
    الرد : على فرض ثبوت هذه الرواية معناها لم يرها شيئا صحيحا جائزا أولم يرها شيئا لا يقدر على استدراكه ، لأنه قد بين أنه يستدرك بالرجعة فتتأول هذه الرواية لتوافق الروايات التي فيها الاعتداد بالطلاق([40]).
    2 : الحديث صحح الإسناد ([41])
    الرد : الأمر كما ذكر من صحح الحديث فإسناده متصل ورواته ثقات و ليس هذا كافيا للحكم بصحة الحديث فلابد أن يكون سالما من العلة و الشذوذ وهذا لم يتوفر ([42])
    3 : قال الألباني : دعوى أبي داود أن الأحاديث كلها على خلاف ماقال أبو الزبير فيرده طريق سعيد بن جبير ... فإنه موافق لرواية أبي الزبير هذه فإنه قال "فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك علي حتى طلقنها وهي طاهر" وإسناده صحيح غاية فهي شاهد قوي جدا لحديث أبي الزبير ترد قول أبي داود المتقدم و من نحا نحوه مثل ابن عبدالبر والخطابي وغيرهم ومن العجب أن هذا الشاهد لم يتعرض لذكره أحد من الفريقين لأهميته ([43])
    الرد من أكثر من وجه :
    1 ) : قوله" فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك علي " ليس فيه إلا رد الطلاق عليه وهذا اتفقت الروايات عليه لكن ليس فيه أنه لم يحتسبها عليه طلقة
    فرواه أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال حُسِبَتْ علي بتطليقة ([44]) و أبو بشر جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير فرد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك على حتى طلقتها وهي طاهر » ([45]) وليس بين الروايتين تعارض فرواية أبي بشر فيها الرد و المراد به المراجعة كما بينته الروايات الأخرى و رواية أيوب فيها أنها حسبت طلقة فليس في هذه الرواية شاهد لرواية أبي الزبير و الله أعلم .
    2 ) : على فرض أن بينهما تعارض فلابد من تأويل إحدى الروايتين لتوافق الأخرى فمخرجهما واحد ورواية أيوب توافق رواية الجماعة فتأول رواية أبي بشر. والألباني نفسه رحمه الله يرى وجوب تأويل هذه الرواية فقال ذكر [الحافظ ابن حجر] عن العلماء أن معنى: فردها عليَّ ولم يرها شيئاً... أي: مستقيماً؛ لكونها لم تقع على السنة، وليس معناه أن الطلاق لم يقع؛ بدليل الرواية المتقدمة المصرحة بأن ابن عمر اعتدَّ بها، وصح مرفوعاً: أنها (واحدة) ... لا بد من تأويل الرد المذكور فيه بما لا يعارض الحديث الذي قبله وما في معناه، لا سيما ما كان صريحاً في الرفع ... . ([46])
    4 : عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر : ( أنه طلق امرأته وهي حائض ، فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن عبد الله طلق امرأته وهي حائض ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس ذلك بشيء "([47])
    وجه الاستدلال : هذه الرواية شاهد لرواية أبي الزبير عن ابن عمر في عدم وقوع طلاق امرأته
    الرد : هذه الرواية ضعيفة وعبد الله بن مالك الهمداني ذكره ابن حبان في ثقاته و قال الحافظ مقبول فلا يقارن بخاصة مالك كنافع وسالم .وعلى فرض صحتها فهي مؤولة كما تقدم
    فيسلم بعدم تفرد أبي الزبير لكن لايسلم على صحة هذه الروايات أو دلالاتها على أنها تشهد لرواية أبي الزبير فتبقى زيادة "فلم يرها شيئا" في رواية أبي الزبير عن ابن عمر شاذة و الله أعلم .
    5 : ليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبى الزبير. فهل فيها حديث واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتسب عليه تلك الطلقة، وأمره أن يعتد بها،؟ فإن كان ذلك، فنعم والله هذا خلاف صريح لحديث أبى الزبير، ولا تجدون إلى ذلك سبيلا ([48])
    الرد : نعم احتسبها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة فعن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه ، « أنه طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فجعلها واحدة » وسيأتي ذكره مع بقية الأدلة المرفوعة
    6 : ليس في الأحاديث الصحيحة ما يخالف حديث أبي الزبير حتى يصار إلى الترجيح ويقال قد خالفه الأكثر بل غاية ما هناك الأمر بالمراجعة على فرض استلزامها لوقوع الطلاق وقد عرفت اندفاع ذلك على أنه لو سلم ذلك الاستلزام لم يصلح لمعارضة النص الصريح أعني ولم يرها شيئا([49])
    الرد : الأحاديث الصحيحة المرفوعة والموقوفة و المقطوعة تنص على أنها حسبت عليه طلقة فتخالف رواية أبي الزبير عن ابن عمر "فلم يرها شيئا"
    7 : ليس بأيديكم سوى تقليد أبى داود([50])
    الرد : لم ينفرد أبو داود بالحكم بشذوذ الزيادة بل سبقه الشافعي و أشار إلى شذوذها مسلم و حكم عليها بالشذوذ ابن عبد البر و الخطابي والمنذري وابن رجب والعراقي وغيرهم فحفاظ السنة العالمون بالعلل يكادون يجمعون على شذوذها وتقدم كلامهم
    8 : ابن عمر يفتي بعدم وقوع طلاق الحائض فوافق حديثه المرفوع فتواه فاجتمع صريح روايته وفتواه على عدم الاعتداد بطلاق الحائض وخالف فى ذلك ألفاظ مجملة مضطربة،. ([51])
    الرد : رواية عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي نا عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال ابن عمر لا يعتد لذلك" الصواب أن اسم الإشارة يعود إلى عدم الاعتداد بالحيضة من العدة و لايعود على عدم الاعتداد بالطلاق ـ كما سيأتي ـ و فتوى ابن عمر بوقوع طلاق الحائض في الصحيحين و سيأتي . ودعوى اضطراب الروايات عن ابن عمر ستأتي مناقشتها
    الدليل السادس : عن أبي الزبير قال سألت جابرا عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض فقال طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعها فإنها امرأته([52])
    وجه الاستدلال : " فإنها امرأته " تدل على عدم وقوع الطلاق
    الرد :الحديث لايصح وعلى فرض صحته فلفظة "فإنها امرأته" لاتدل على عدم وقوع الطلاق فالمطلقة طلاقا رجعيا امرأة المطلق مالم تخرج من العدة فلا يدل على عدم وقوع الطلاق إلا على القول بأن ابن عمر طلاقها ثلاثا و الصحيح أنه طلقها طلقة واحدة
    الدليل السابع : قال ابن عبدالبر : احتج بعض من ذهب إلى أن الطلاق في الحيض لا يقع وأن المطلق لا يعتد بتلك التطليقة بما روي عن الشعبي أنه قال إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض لم يعتد بها في قول ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من الشعبي إنما معناه لا يعتد بتلك الحيضة في العدة ولم يرد لا يعتد بتلك التطليقة وقد روي عنه ذلك منصوصا رواه شريك عن جابر عن عامر في رجل طلق امرأته وهي حائض قال يقع عليه الطلاق ولا يعتد بتلك الحيضة. ([53])
    ولم أقف على الأثر مسندا للنظر في صحته مع أنه يخالف الثابت عن ابن عمر مرفوعا وموقوفا في وقوع طلاق الحائض وقد أوله ابن عبد البر وقد صح التأويل الذي ذكره ابن عبد البر عن ابن عمر من غير طريق الشعبي وسيأتي
    الدليل الثامن : في بعض روايات حديث ابن عمر أنه طلقها ثلاثا و في بعضها من غير بيان العدد فلو كان الطلاق في الحيض يقع لاستفصل منه النبي صلى الله عليه وسلم ليعرف هل له الرجوع أم لا فلما لم يستفصل دل ذلك على عدم وقوع طلاق الحائض([54])
    الرد : هذه قضية عين فلعل النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أنه لم يسبق أن طلق فلذا لم يستفصل وحسبها واحدة والصحيح أن ابن عمر طلق طلقة واحدة فعن نافع أن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة " ([55]) وسيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم حسبها عليه واحدة .
    ثالثا الأدلة النظرية : أغلب هذه الأدلة النظرية من كلام ابن القيم .
    الدليل التاسع : مفسدة الطلاق الواقع في الحيض لو كان واقعا , لا يرتفع بالرجعة والطلاق بعدها , بل إنما يرتفع بالرجعة المستمرة التي تلم شعث النكاح , وترقع خرقه . فأما رجعة يعقبها طلاق , فلا تزيل مفسدة الطلاق الأول , لو كان واقعا([56])
    الرد : الطلاق في الحيض منكر و المراجعة تغيير للمنكر([57]) و في مراجعتها وبقائها عنده حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر مظنة تغيير الرأي ودوام الزوجية
    الدليل العاشر : هذا طلاق منع منه صاحب الشرع , وحجر على العبد في اتباعه , فكما أفاد منعه وحجره عدم جواز الإيقاع أفاد عدم نفوذه , وإلا لم يكن للحجر فائدة , وإنما فائدة الحجر عدم صحة ما حجر على المكلف فيه([58])
    الرد : دل الدليل الخاص على اعتباره و كذلك فتوى الصحابة على وقوع الطلاق و إن خالف السنة في وقته أو عدده وليس كل نهي حجرا من الشارع و إبطالا وإبطالا للتصرف ([59])
    الدليل الحادي عشر : لا خلاف بين أحد من أهل العلم قاطبة وفي جملتهم جميع المخالفين لنا في ذلك في أن الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه بدعة نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مخالفة لأمره عليه الصلاة والسلام فإذ لا شك في هذا عندهم فكيف يستجيزون الحكم بتجويز البدعة التي يقرون أنها بدعة وضلالة أليس بحكم المشاهدة مجيز البدعة مخالفا لإجماع القائلين بأنها بدعة([60])
    الرد : يقع الطلاق البدعي لدلالة السنة و فتوى الصحابة مع الإثم فليس كل ما نهي عنه لاينفذ وتقدم الكلام على أن النهي لا يقتضي الفساد([61])و ليس مجيز البدعة مخالفا لإجماع القائلين بأنها بدعة فالخلاف مشهور .
    الدليل الثاني عشر : ما حرمه الله سبحانه من العقود , فهو مطلوب الإعدام بكل طريق حتى يجعل وجوده كعدمه في حكم الشرع , ولهذا كان ممنوعا من فعله , باطلا في حكم الشرع والباطل شرعا كالمعدوم . ومعلوم أن هذا هو مقصود الشارع مما حرمه ونهى عنه , فالحكم ببطلان ما حرمه ومنع منه أدنى إلى تحصيل هذا المطلوب وأقرب , بخلاف ما إذا صحح , فإنه يثبت له حكم الوجود ([62]).
    الرد : ما كان في أصله مباحا و نهي عنه لأمر خارج يصح مع الإثم بخلاف إذا كان النهي عائدا لذات الشيء أو شرطه أو وصفه اللازم له .
    الدليل الثالث عشر : إذا صحح استوى هو والحلال في الحكم الشرعي , وهو الصحة . وإنما يفترقان في موجب ذلك من الإثم والذم ومعلوم أن الحلال المأذون فيه لا يساوي المحرم الممنوع منه البتة([63]) .
    الرد : إذا دل الدليل على صحته فليس لنا إلا التسليم ولا نعارض النصوص بالرأي
    الدليل الرابع عشر : العقد الصحيح هو الذي يترتب عليه أثره , ويحصل منه مقصوده . وهذا إنما يكون في العقود التي أذن فيها الشارع , وجعلها أسبابا لترتب آثارها عليها , فما لم يأذن فيه ولم يشرعه كيف يكون سببا لترتب آثاره عليه , ويجعل كالمشروع المأذون فيه([64])
    الرد : ترتب الأثر و عدمه يؤخذ من النصوص الخاصة و القواعد العامة ودل الدليل الخاص على ترتب أثر الطلاق في الحيض
    الدليل الخامس عشر : حرم الطلاق في الحيض لئلا ينفذ ولا يصح , فإذا نفذ وصح , وترتب عليه حكم الصحيح , كان ذلك عائدا على مقتضى النهي بالإبطال([65]) .
    الرد : حرم الطلاق في الحيض لئلا ينفذ ولا يصح هذا يحتاج إلى دليل بل الدليل خلافه وصحته ولايعود على النهي بالبطلان بل يبقى النهي ليفيد التحريم كبعض العقود المنهي عنها كتلقي الجلب و بيع المصراة ثبت في النص صحتها مع النهي عنها
    الدليل السادس عشر : حرمه الشرع ونهى عنه لأجل المفسدة التي تنشأ من وقوعه , فإن ما نهى عنه الشرع وحرمه لا يكون قط إلا مشتملا على مفسدة خالصة أو راجحة , فنهى عنه قصدا لإعدام تلك المفسدة . فلو حكم بصحته ونفوذه لكان ذلك تحصيلا للمفسدة التي قصد الشارع إعدامها , وإثباتا لها ([66]).
    الرد : ما نهي عنه إذا كان مشتملا على مفسدة خالصة أو راجحة لايصح و إذا كانت المفسدة غير راجحة يصح العقد ويؤمر بتصحيح الخطأ كطلاق الحائض أو يجعل له الخيار كبيع المصراة . و أصل الطلاق ليست مفسدته راجحة فالصحيح أنه جائز إذا كان من غير حاجة مع الكراهة والمطلق في الحيض أو في طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها زاد على الكراهة أنه أوقعه في وقت يحرم إيقاعه فيه
    الدليل السابع عشر : وصف العقد المحرم بالصحة , مع كونه منشئا للمفسدة ومشتملا على الوصف المقتضي لتحريمه وفساده , جمع بين النقيضين فإن الصحة إنما تنشأ عن المصلحة , والعقد المحرم لا مصلحة فيه بل هو منشئ لمفسدة خالصة أو راجحة . فكيف تنشأ الصحة من شيء هو منشئ المفسدة([67])
    الرد : لايسلم أن كل عقد محرم لامصلحة فيه فيحكم بالصحة إذا كانت مفسدته مرجوحة أو يمكن تدارك المفسدة كالرجعة في طلاق الحائض
    الدليل الثامن عشر : الشارع إنما جعل للمكلف مباشرة الأسباب فقط , وأما أحكامها المترتبة عليها فليست إلى المكلف , وإنما هي إلى الشارع , فهو قد نصب الأسباب وجعلها مقتضيات لأحكامها , وجعل السبب مقدورا للعبد , فإذا باشره رتب عليه الشارع أحكامه . فإذا كان السبب محرما كان ممنوعا منه ولم ينصبه الشارع مقتضيا لآثار السبب المأذون فيه , والحكم ليس إلى المكلف حتى يكون إيقاعه إليه غير مأذون فيه , ولا نصبه الشارع لترتب الآثار عليه , فترتيبها عليه إنما هو بالقياس على السبب المباح المأذون فيه ! وهو قياس في غاية الفساد , إذ هو قياس أحد النقيضين على الآخر في التسوية بينهما في الحكم , ولا يخفى فساده([68])
    الرد : ترتب آثار العقد من جعل الشارع وليس للمكلف.وليس كل سبب محرم لايترتب عليه أثره ووقوع الطلاق في الحيض ثابت بالدليل الخاص و ليس بالقياس
    الدليل التاسع عشر : صحة العقد هو عبارة عن ترتب أثره المقصود للمكلف عليه , وهذا الترتب نعمة من الشارع , أنعم بها على العبد , وجعل له طريقا إلى حصولها بمباشرة الأسباب التي أذن له فيها , فإذا كان السبب محرما منهيا عنه كانت مباشرته معصية , فكيف تكون المعصية سببا لترتب النعمة التي قصد المكلف حصولها([69])
    الرد : دل الدليل على ترتب الأثر في بعض العقود و إن كان السبب الذي حصل به الأثر محرما و من ذلك طلاق الحائض
    الدليل العشرون : علل من أوقع الطلاق بأنه معاملة له بنقيض قصده , فإنه ارتكب أمرا محرما , يقصد به الخلاص من الزوجة , فعومل بنقيض قصده , فأمر برجعتها . وهو بعينه علة لعدم وقوع الطلاق الذي قصده المكلف بارتكابه ما حرم الله عليه ([70]).
    الرد : إيقاع طلاق الحائض بالنص ليس بالاجتهاد و كون بعض أهل العلم علل بذلك فهذا اجتهاد لايلزم غيره
    الدليل الحادي والعشرون : لله تعالى في الطلاق المباح حكمان : أحدهما : إباحته والإذن فيه , والثاني : جعله سببا للتخلص من الزوجة . فإذا لم يكن الطلاق مأذونا فيه انتفى الحكم الأول , وهو الإباحة , فما الموجب لبقاء الحكم الثاني , وقد ارتفع سببه . ومعلوم أن بقاء الحكم بدون سببه ممتنع ولا تصح دعوى أن الطلاق المحرم سبب لما تقدم([71])
    الرد : الموجب لبقاء الحكم الثاني الدليل من كلام النبي صلى الله عليه وسلم و من إفتاء الصحابة وليس مجرد دعوى

    الدليل الثاني والعشرون :
    ليس في لفظ الشارع " يصح كذا ولا يصح " , وإنما يستفاد ذلك من إطلاقه ومنعه , فما أطلقه وأباحه فباشره المكلف حكم بصحته لأنه وافق أمر الشارع وما لم يأذن فيه ولم يطلقه فباشره المكلف حكم بعدم صحته لأنه خالف أمر الشارع وحكمه . وليس معنا ما يستدل به على الصحة والفساد إلا موافقة الأمر والإذن , وعدم موافقتهما . فإن حكمتم بالصحة مع مخالفة أمر الشارع وإباحته , لم يبق طريق إلى معرفة الصحيح من الفاسد ([72]).
    الرد : ليس كل نهي يدل على الفساد كما تقدم و يستدل على الصحة و الفساد بموافقة الأمر ومخافته وبالنص الخاص فإن لم يؤجد فبالقياس الصحيح .
    الدليل الثالث والعشرون : الشارع أباح للمكلف من الطلاق قدرا معلوما في زمن مخصوص ولم يملكه أن يتعدى القدر الذي حد له , ولا الزمن الذي عين له , فإذا تعدى ما حد له من العدد كان لغوا باطلا , فكذلك إذا تعدى ما حد له من الزمان يكون لغوا باطلا , فكيف يكون عدوانه في الوقت صحيحا معتبرا لازما , وعدوانه أنه في العدد لغوا باطلا ؟([73])
    الرد : يكون عدوانه في الوقت صحيحا معتبرا لازما بالدليل الخاص و أفتى الصحابة بصحة طلاق من اعتدى في الوقت أو العدد ([74]) وإذا اعتدى المطلق فهل يكون طلاقه لغوا ؟ هذا محل الخلاف .
    يتبع
     
  2. شعبانت

    شعبانت Member

    رد: بحث كامل عن طلاق الحائض

    الدليل الرابع والعشرون :


    الشارع حد له عددا معينا من النساء في وقت معين , فلو تعدى ما حد له من العدد كان لغوا وباطلا . وكذلك لو تعدى ما حد له من الوقت , بأن ينكحها قبل انقضاء العدة مثلا , أو في وقت الإحرام , فإنه يكون لغوا باطلا . فقد شمل البطلان نوعي التعدي عددا أو وقتا([75])
    الرد : ما زاد على عدد الزوجات غير مباح مطلقا في أي حال بخلاف الطلاق فإنما نهي عنه في حال الحيض أو في طهر جامعها فيه ولم يتبين حملها. ونكاح المرأة في العدة لايصح لأنها ليست محلا للنكاح لأنه ذات زوج إن كان الطلاق رجعيا و إن لم يكن رجعيا فلتعلق حق الزوج صاحب العدة فالعدة حق له كما يفهم من قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب :49 ] ونكاح المُحْرِم محرم لوصفه فلذا يحرم أن يكون المُحْرِم طرفا في العقد زوجا أو وليا و فرق بين النكاح والطلاق فالطلاق أوسع حكما وأقوى نفوذا من النكاح لوقوع الطلاق معجلا ومؤجلا بخلاف النكاح([76])
    قال العلائي إن قيل يرد عليه أيضا بطلان نكاح المحرم فإن المنهي عنه لكونه وسيلة إلى الوطء المحرم حالة الإحرام قلنا ليس كذلك بل هو من المنهي عنه لوصفه اللازم بدليل النهي له أيضا عن أن ينكح غيره أو أن يخطب فهو كالنهي عن الصلاة بغير وضوء والإحرام بالنسبة إلى العقد كالحدث بالنسبة إلى الصلاة([77])
    الدليل الخامس والعشرون : الصحة إما أن تفسر بموافقة أمر الشارع , وإما أن تفسر بترتب أثر الفعل عليه , فإن فسرت بالأول لم يكن تصحيح هذا الطلاق ممكنا , وإن فسرت بالثاني وجب أيضا أن لا يكون العقد المحرم صحيحا , لأن ترتب الثمرة على العقد إنما هو بجعل الشارع العقد كذلك , ومعلوم أنه لم يعتبر العقد المحرم , ولم يجعله مثمرا لمقصوده([78]) ,
    الرد : الصحة ترتب أثر العقد وقد اعتبر الشارع بعض العقود المحرمة ورتب عليها أحكاما ومن ذلك طلاق الحائض
    الدليل السادس والعشرون : وصف العقد المحرم بالصحة إما أن يعلم بنص من الشارع , أو من قياسه , أو من توارد عرفه في مجال حكمه بالصحة , أو من إجماع الأمة . ولا يمكن إثبات شيء من ذلك في محل النزاع , بل نصوص الشرع تقتضي رده وبطلانه, وكذلك قياس الشريعة وكذلك استقراء موارد عرف الشرع في مجال الحكم بالصحة , إنما يقتضي البطلان في العقد المحرم لا الصحة , وكذلك الإجماع , فإن الأمة لم تجمع قط , ولله الحمد , على صحة شيء حرمه الله ورسوله , لا في هذه المسألة ولا في غيرها , فالحكم بالصحة فيها إلى أي دليل يستند([79])
    الرد : تعرف الصحة إما بالنص الخاص أو بالقياس أو الإجماع ودلت النصوص على صحة بعض العقود المنهي عنها إذا كان النهي لأمر خارج و الخلاف هل النهي يقتضي الفساد أم لا من المسائل المشهور وتقدم الكلام عليها أما قول : فإن الأمة لم تجمع قط , ولله الحمد , على صحة شيء حرمه الله ورسوله فسيأتي أنه لم يحفظ خلاف عن الصحابة في وقوع طلاق الحائض
    الدليل السابع والعشرون : لأنه طلاق محرم منهى عنه، فالنهى يقتضى فساد المنهى عنه، فلو صححناه، لكان لا فرق بين المنهى عنه والمأذون فيه من جهة الصحة والفساد([80])
    الرد : ليس كل نهي يقتضي الفساد ودل الدليل الخاص بصحة بعض العقود المنهي عنها دون بعض فيقتضي وجود فرق بين المنهي عنه والمأذون فيه من جهة الصحة والفساد
    الدليل الثامن والعشرون : الشارع إنما نهى عنه وحرمه، لأنه يبغضه، ولا يحب وقوعه، بل وقوعه مكروه إليه، فحرمه لئلا يقع ما يبغضه ويكرهه، وفى تصحيحه وتنفيذه ضد هذا المقصود([81])
    الرد : دل الدليل على صحة بعض العقود المحرمة
    الدليل التاسع والعشرون : إذا كان النكاح المنهي عنه لا يصح لأجل النهي، فما الفرق بينه وبين الطلاق، وكيف أبطلتم ما نهى الله عنه من النكاح، وصححتم ما حرمه ونهى عنه من الطلاق، والنهى يقتضى البطلان فى الموضعين؟([82])
    الرد : دل الدليل المرفوع والموقوف على صحة الطلاق البدعي فالتفريق بينهما بالدليل لا بالرأي .
    الدليل الثلاثون : طلاق لم يشرعه الله أبدا، وكان مردودا باطلا كطلاق الأجنبية، ولا ينفعكم الفرق بأن الأجنبية ليست محلا للطلاق بخلاف الزوجة، فإن هذه الزوجة ليست محلا للطلاق المحرم، ولا هو مما ملكه الشارع إياه. ([83])
    الرد : الطلاق مشروع في الجملة لكنه محرم في وقت الحيض وفي طهر جامعها فيه ولم يستبن حملها لكن يترتب عليه أثره للدليل الخاص بخلاف طلاق الأجنبية فليس مشروعا أصلا
    الدليل الحادي والثلاثون : لم يؤمر ابن عمر بالإشهاد على الرجعة كما أمر الله ورسوله ولو كان الطلاق قد وقع وهو يرتجعها لأمر بالإشهاد([84])
    الرد : مذهب الإمام أبي حنيفة و مالك و رواية عن الإمام الشافعي و أحمد([85]) أنَّ الإشهاد على الرجعة مستحب و ليس بواجب لأنَّها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر
    حقوق الزوج و ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد كالبيع و يحمل الأمر في الآية على الاستحباب فلذا لم يأمر النبي r ابن عمر { بالإشهاد و الله أعلم .
    الدليل الثاني والثلاثون : لما ذكر الله الطلاق فى غير آية لم يأمر أحدا بالرجعة عقيب الطلاق بل قال { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } فخير الزوج إذا قارب إنقضاء العدة بين أن يمسكها بمعروف وهو الرجعة وبين أن يسيبها فيخلي سبيلها إذا انقضت العدة ولا يحبسها بعد إنقضاء العدة كما كانت محبوسة عليه فى العدة قال الله تعالى { لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة }([86])
    الرد : دلت السنة على وجوب رجعة من طلق في الحيض فالآية في الطلاق المشروع وحديث ابن عمر في طلاق غير مشروع
    الدليل الثالث والثلاثون : لو وكل وكيلا في طلاق زوجته في الطهر وطلقها في الحيض لم تطلق : لأجل مخالفته ، وإيقاع الطلاق في غير وقته مخالفة للشرع في وقت الطلاق فأولى ألا يقع به طلاق ([87])
    الرد : الوكيل إذا خالف الإذن زالت وكالته وليس يرجع بعد زوالها إلى ملك فرد تصرفه والزوج إذا خالف رجع بعد المخالفة إلى ملك فجاز تصرفه([88])
    نفوذ تصرف الوكيل بأمر الموكل فإذا خالف المأمور به لا ينفذ وهنا تصرف الزوج بحكم ملكه فبعقد النكاح صار مالكا للتطليقات الثلاث والملك علة تامة لنفوذ التصرف ممن هو أهل للتصرف وإن لم يكن مأمورا ولا مأذونا فيه([89])
    الدليل الرابع والثلاثون : لا يزال النكاح المتيقن إلا بيقين مثله من كتاب، أو سنة، أو إجماع متيقن و لم يوجد بل الأدلة المتكاثرة تدل على عدم وقوعه([90])
    الرد : دلت السنة على وقوع طلاق الحائض و أوقع بعض الصحابة الطلاق البدعي و لايعرف لهم مخالف
    الدليل الخامس والثلاثون : نفوذ تصرفه بالإذن شرعا والمنهي عنه غير مأذون فيه فلا يكون نافذا كطلاق الصبي والمعتوه([91])
    الرد : الصبي و المجنون لايصح الطلاق منهما مطلقا فلا يصح منهما التعليق بالشرط ولا الإضافة إلى ما بعد البلوغ ولا تمليك الأمر منهما وكل ذلك صحيح من الرجل في حيض المرأة([92])
    الدليل السادس والثلاثون : أين لكم برهان من الله ورسوله بالفرق بين العقدين فى اعتبار حكم أحدهما، والإلزام به وتنفيذه، وإلغاء الآخر وإبطاله؟([93])
    الرد : البرهان المفرق السنة الصحيحة و فتاوى الصحابة
    الدليل السابع والثلاثون : الحكمة من النهي عن الطلاق في الحيض حتى لاتطول العدة على المرأة فإذا أمر بمراجعتها طالت عليها مدة الانتظار أكثر
    الرد : ليس هذا محل اتفاق و تقدم الكلام على الحكمة من النهي عن طلاق الحائض و على القول بأن الحكمة حتى لاتطول عليها العدة فإذا راجعها زوجها لم تكن معتدة بل هي زوجة كسائر الزوجات .
    هذا الرد الخاص على هذه الأدلة النظرية الأقيسة أما الرد العام فيقال ماذكر فاسد لأنه مقابل النص الصحيح الصريح في وقوع طلاق الحائض
    قال الحافظ ابن حجر: احتج بن القيم لترجيح ما ذهب إليه شيخه باقيسة ترجع إلى مسألة أن النهي يقتضي الفساد ... وأطال من هذا الجنس بمعارضات كثيرة لا تنهض مع التنصيص على صريح الأمر بالرجعة فإنها فرع وقوع الطلاق على تصريح صاحب القصة بأنها حسبت عليه تطليقة والقياس في معارضة النص فاسد الاعتبار والله أعلم وقد عورض بقياس أحسن من قياسه فقال ابن عبد البر ليس الطلاق من أعمال البر التي يتقرب بها وإنما هو إزالة عصمة فيها حق آدمي فكيفما أوقعه وقع سواء أجر في ذلك أم أثم ولو لزم المطيع ولم يلزم العاصي لكان العاصي أخف حالا من المطيع([94])
    أدلة القول الثاني :
    أولا : أدلة عدم وقوع الطلاق في الحيض هي أدلة القول الأول .
    ثانيا : أدلة وقوع الطلاق إذا كانت الطلقة الثالثة أو ثلاثا مجموعة :
    الدليل الأول : قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا} [الطلاق :1ـ2 ]
    وجه الاستدلال : قال ابن حزم : الله تعالى إنما أمر بذلك في المدخول بها فيما كان من الطلاق دون الثلاث وفي هذين الوجهين أفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن عمر ولم يأمر قط عز وجل بذلك في غير مدخول بها ولا فيمن طلق ثالثة أو ثلاثة مجموعة ... وقوله تعالى (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف) وليس هذا في طلاق الثلاث([95])
    الرد :
    1 : هذا بناء على مذهب ابن حزم في التمسك بظاهر النصوص وترك القياس وهذا مما يخالف عليه.
    2 : قوله " ولم يأمر قط عز وجل بذلك ... ولا فيمن طلق ثالثة أو ثلاثة مجموعة " فالآية عامة في الرجعية و غيرها فلا تطلق إلا مستقبلة العدة لكن إذا طلق وقع الطلاق كما سيأتي فيوافق ابن حزم في النتيجة
    3 : قوله تعالى (لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا) فالاستدلال بالآية بدلالة المفهوم وهي ضعيفة
    الدليل الثاني : عن نافع أن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما طلق امرأة له وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء([96])
    وجه الاستدلال : حديث ابن عمر في من طلق واحدة فأمره النبي بالمراجعة بخلاف من طلاق ثلاثا أو الثالثة فتبين المرأة منه.
    الرد : كالذي قبله
    الفهرس

    -----------------------------------------------
    ([1]) انظر : : سبل السلام (3/359).
    ([2]) انظر : مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (21/280)
    ([3]) زاد المعاد (5/240 ـ 241)
    ([4]) الروضة الندية (2/49)
    ([5])الشرح الممتع (13/53,50)
    ([6]) انظر : نيل الأوطار (6/226)
    ([7]) انظر : التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (4/38) وشرح الرسالة لقاسم بن عيسى التنوخي الغروي (2/474)
    ([8]) انظر : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص : 64
    ([9]) انظر : الإنصاف (8/448)
    ([10]) انظر : إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص : 63
    ([11]) انظر : مجموع الفتاوى (33/72)
    ([12]) انظر : تهذيب السنن (3/103)
    ([13]) انظر : سبل السلام (3/359) .
    ([14]) انظر : الدراري المضيَّة (2/10)
    ([15]) انظر : الروضة الندية (2/48)
    ([16]) انظر : نظام الطلاق في الإسلام ص : 19.
    ([17]) انظر : فتاوى اللجنة الدائمة (20/58)
    ([18]) انظر : الذي استقر عليه رأي الشيخ عدم وقوع طلاق الحائض وكان يرى وقوع الطلاق أولاً . انظر مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (21/280)
    ([19]) انظر : ثمرات التدوين من مسائل ابن عثيمين مسألة ( 471 )
    ([20]) انظر : الحاوي (10/115) والمغني (8/238) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    ([21]) انظر : المبسوط (6/66) والحاوي (10/115) ومعالم السنن (3/201)والمغني (8/238) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    ([22]) انظر : معالم السنن (3/201).
    ([23]) انظر : المحلى (10/161،166)
    ([24]) انظر : نيل الأوطار (6/226)
    ([25]) انظر :
    ([26]) انظر :
    ([27]) انظر :
    ([28]) انظر : زاد المعاد (5/224) ونيل الأوطار (6/226)
    ([29]) انظر : المحلى (10/162) وتهذيب السنن (3/99) وزاد المعاد (5/224) و نيل الأوطار (6/226) ونظام الطلاق في الإسلام ص : 12 والشرح الممتع (13/48)
    ([30]) رواه البخاري (2148) و مسلم (1515) .
    تصرية بهيمة الأنعام ترك حلبها فترة حتى تمتليء ضروعها حليبا فيظن المشتري أنها هكذا دائما .
    ([31]) رواه مسلم (1591)
    ([32]) تحقيق المراد فى أن النهى يقتضى الفساد ص : 381 , 38
    ([33]) جامع العلوم والحكم ص : 90
    ([34]) انظر : المبسوط (6/66)
    ([35]) انظر : الحاوي (10/116)
    ([36])رواه مسلم (1718)
    ([37]) قال صديق حسن خان في الروضة الندية (2/53) : الطلاق ثلاثا بلفظ واحد أو ألفاظ في مجلس واحد من دون تخلل رجعة يقع واحدة وإن كان بدعيا فتكون هذه الصورة من صور الطلاق البدعي واقعة مع إثم الفاعل دون سائر صور البدعي فلا يقع الطلاق فيها
    ([38]) انظر :
    ([39])رواه الإمام الشافعي في اختلاف الحديث ص : 260 قال : أخبرنا عبد المجيد بن عبدالعزيز والإمام أحمد (5499) حدثنا روح وأبو داود (2185) حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق [(10960)] قالوا حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر فذكره " ورواته ثقات
    ([40]) انظر : اختلاف الحديث ص : 261 و التمهيد (15/66) و معالم السنن (3/203) والحاوي (10/117)
    ([41]) صحح إسناده ابن حزم في المحلى (10/166) و الصنعاني في سبل السلام (3/359) وقال ابن القيم في زاد المعاد (5/226) هذا إسناد فى غاية الصحة، فإن أبا الزبير غير مدفوع عن الحفظ والثقة، وإنما يخشى من تدليسه، فإذا قال: سمعت، أو حدثنى، زال محذور التدليس، وزالت العلة المتوهمة، ... فأما إذا صرح بالسماع، فقد زال الإشكال، وصح الحديث وقامت الحجة.
    ولا نعلم فى خبر أبى الزبير هذا ما يوجب رده، وإنما رده من رده استبعادا واعتقادا أنه خلاف الأحاديث الصحيحة،
    وقال الشوكاني في نيل الأوطار (6/225) أبو الزبير غير مدفوع في الحفظ والعدالة وإنما يخشى من تدليسه فإذا قال سمعت أو حدثني زال ذلك وقد صرح هنا بالسماع.
    وقال أحمد شاكر :أبو الزبير ثقة ثبت ولم يتكلم فيه إلا بأنه قد يروي بعض الأحاديث بالعنعنة من غير سماع فيخشى من تدليسه وليس الأمر كذلك هنا فإنه صرح بأنه سمعه من ابن عمر
    وقال الألباني في الإرواء (7/129) أبو الزبير ثقة حجة وإنما يخشى منه العنعنة لأنه كان مدلسا وهنا صرح بالسماع فأمنا شبهة تدليسه وصح بذلك حديثه ...
    ([42]) هذه الرواية شاذة لأمرين
    الأول : روى أصحاب ابن عمر القصة من غير ذكر هذه الزيادة المخالفة للمروي عنهم وسيأتي ذكر رواياتهم
    الثاني : رواه حجاج بن محمد المصيصي عند مسلم (14) (1471) و النسائي في الصغرى (3392) و أبو عاصم الضحاك بن مخلد عند مسلم (.) (1471) وسعيد بن سالم القداح و مسلم بن خالد عند الإمام الشافعي في الأم (5/180) عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع من غير ذكر " ولم يرها شيئا " و هذه الرواية أرجح لموافقتها رواية الجماعة عن ابن عمر
    ورواه مسلم (0) (1471) عن محمد بن رافع حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع بمثل حديث حجاج وفيه بعض الزيادة. قال الحافظ ابن حجر في الفتح (9/353) فأشار إلى هذه الزيادة ولعله طوى ذكرها عمدا . قال أبو عبدالرحمن وقد فعل ذلك رحمه الله في حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش (333) فترك ذكر زيادة "وتوضئي لكل صلاة" لأنها مدرجة قال بعد أن أخرج الحديث وفي حديث حماد بن زيد زيادة حرف تركنا ذكره فالظاهر أن الإمام مسلم حذف " ولم يرها شيئا " لشذوذها والله أعلم .
    قال الشافعي في اختلاف الحديث ص : 261 : نافع أثبت عن ابن عمر من أبي الزبير والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه وقد وافق نافعا غيره من أهل التثبيت في الحديث ... والقرآن يدل على أنها تحسب قال الله عز وجل الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان لم يخصص طلاقا دون طلاق وما وافق ظاهر كتاب الله من الحديث أولى أن يثبت .
    و قال أبو داود روى هذا الحديث عن ابن عمر يونس بن جبير وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد بن أسلم وأبو الزبير ومنصور عن أبي وائل معناهم كلهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك وكذلك رواه محمد بن عبد الرحمن عن سالم عن ابن عمر وأما رواية الزهري عن سالم ونافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء طلق وإن شاء أمسك وروي عن عطاء الخراساني عن الحسن عن ابن عمر نحو رواية نافع والزهري والأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير.
    وقال ابن عبدالبر في التمهيد (15/65ـ66) قوله [يعني أبا الزبير]في هذا الحديث (ولم يرها شيئا) منكر عن ابن عمر لما ذكرنا عنه أنه اعتد بها ولم يقله أحد عنه غير أبي الزبير وقد رواه عنه جماعة جلة فلم يقل ذلك واحد منهم وأبو الزبير ليس بحجة فيما خالفه فيه مثله فكيف بخلاف من هو أثبت منه ... وكل من روى هذا الخبر من الحفاظ لم يذكروا ذلك وليس من خالف الجماعة الحفاظ بشيء فيما جاء به
    وقال الخطابي في معالم السنن (3/203) حديث يونس بن جبير أثبت من هذا ، وقال أبو داود جاءت الأحاديث كلها بخلاف ما رواه أبو الزبير ، وقال أهل الحديث لم يرْو أبو الزبير حديثا أنكر من هذا
    وقال المنذري في مختصر سنن أبي داود (3/95) حديث يونس بن عبيد أثبت من هذا
    و قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص : 91 ـ 92: هذا مما تفرد به أبو الزبير عن أصحاب ابن عمر كلهم مثل : ابنه سالم ، ومولاه نافع ، وأنس ، وابن سيرين ، وطاووس ، ويونس بن جبير ، وعبد الله بن دينار ، وسعيد بن جبير ، وميمون بن مهران وغيرهم . وقد أنكر أئمة العلماء هذه اللفظة على أبي الزبير من المحدثين والفقهاء ، وقالوا : إنه تفرد بما خالف الثقات ، فلا يقبل تفرده ، فإن في رواية الجماعة عن ابن عمر ما يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حسب عليه الطلقة من وجوه كثيرة ... وقد كان طوائف من الناس يعتقدون أن طلاق ابن عمر كان ثلاثا ... اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه ... فلعل أبا الزبير اعتقد هذا حقا ، فروى تلك اللفظة بالمعنى الذي فهمه.
    وقال الجصاص في أحكام القرآن (1/530) هذا غلط فقد رواه جماعة عن ابن عمر أنه اعتد بتلك التطليقة .
    و قال الماوري في الحاوي (10/117) " ولم يره شيئا " فضعيف لتفرد أبي الزبير به ومخالفة جميع الرواة فيه
    وقال أبو زرعة العراقي في طرح التثريب (7/88) تمسك ابن حزم على أن الطلاق لم يقع برواية أبي الزبير وقال هذا إسناد في غاية الصحة لا يحتمل التوجيهات ، وهو عجيب فقد تقدم عن أبي داود أنه قال الأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير ... فكيف يتمسك برواية شاذة ، ويترك الأحاديث الصحيحة التي هي مثل الشمس في الوضوح ، وقوله إن هذه الرواية لا تحتمل التوجيهات مردود.
    ([43]) الإرواء (7/129).
    ([44]) رواه البخاري (5253)
    ([45]) رواه أبو داود الطيالسي (1871) وغيره
    ([46]) صحيح أبي داود (6/391ـ392)
    ([47]) رواه سعيد بن منصور (1/403) (1552) حدثنا حُدَيج بن معاوية حدثنا أبو إسحاق عن عبد الله بن مالك عن ابن عمر فذكره "إسناده ضعيف
    حُدَيج بن معاوية بن حديج قال احمد لا أعلم إلا خيرا وقال ابن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم محله الصدق وليس مثل اخيه في بعض حديثه ضعف يكتب حدثه.وقال البخاري يتكلمون في بعض حديثه وقال النسائي ضعيف وقال ابن سعد كان ضعيفا في الحديث وقال الدارقطني غلب عليه الوهم وقال ابن حبان منكر الحديث كثير الوهم على قلة روايته وقال البزار سيئ الحفظ.
    و أبو إسحاق السبيعي مدلس و مختلط و لم يتبين لي هل حديج سمع منه قبل الاختلاط أو بعده
    وعبد الله بن مالك الهمداني ذكره ابن حبان في ثقاته و قال الحافظ مقبول
    فهذه الرواية منكرة لأنها تخالف رواية أصحاب ابن عمر الذين أثبتوا أنها حسبت من طلاقها
    ([48]) زاد المعاد (5/227)
    ([49]) نيل الأوطار (6/225)
    ([50]) زاد المعاد (5/227)
    ([51]) انظر : زاد المعاد (5/236)
    ([52]) رواه الإمام أحمد (14730) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو الزبير فذكره إسناده ضعيف
    ابن لهيعة ضعيف من قبل حفظه و قد خالف الجماعة الذين جعلوه من حديث ابن عمر فهذه الرواية منكرة و الله أعلم
    قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم ص : 92 أخطأ في ذكر جابر في هذا الإسناد وتفرد بقوله : "فإنها امرأته" ... اختلف في هذا الحديث على أبي الزبير وأصحاب ابن عمر الثقات الحفاظ العارفون به الملازمون له لم يختلف عليهم فيه
    ([53]) التمهيد (15/66).
    روى ابن أبي شيبة (5/6) حدثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عامر قال : إذا طلقها وهي حائض ، لم تعتد بتلك الحيضة.و إسناده ضعيف
    جابر هو بن يزيد الجعفي ضعفه شديد
    ([54]) انظر : الشرح الممتع (13/49)
    ([55]) رواه البخاري (5332) ومسلم (1471)
    ([56]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/97) و مجموع الفتاوى (33/22) والشرح الممتع (13/48)
    ([57]) انظر : الاستذكار (6/140) ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي (2/379) وشرح النووي على صحيح مسلم (10/89) والبحر الرائق (3/422) وحاشية ابن عابدين (4/436) وحاشية سعدي مع شرح فتح القدير (3/338) وحاشية الدسوقي (2/362)
    ([58]) انظر : جامع المسائل (1/252) وتهذيب سنن أبي داود (3/96) وزاد المعاد (5/224)
    ([59]) انظر : إعلاء السنن (11/179)
    ([60]) انظر : المحلى (10/164) و سبل السلام (3/359)
    ([61]) انظر :
    ([62]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98)
    ([63]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98)
    ([64]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98)
    ([65]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98)
    ([66]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98) و مجموع الفتاوى (33/25)
    ([67]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/100)
    ([68]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/98)
    ([69]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/99)
    ([70]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/99)
    ([71]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/99)
    ([72]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/99) و مجموع الفتاوى (33/24) و تحقيق المراد في أن النهي يقتضي الفساد ص : 326
    ([73]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/100)
    ([74]) انظر :
    ([75]) انظر : الحاوي (10/115) وتهذيب سنن أبي داود (3/100) و جامع المسائل (1/252) ونظام الطلاق في الإسلام ص : 13.
    ([76]) انظر : الحاوي (10/117) و شرح معاني الآثار (3/59).
    ([77]) تحقيق المراد في أن النهى يقتضى الفساد ص : 382
    ([78]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/100)
    ([79]) انظر : تهذيب سنن أبي داود (3/100)
    ([80]) انظر : زاد المعاد (5/224)
    ([81]) انظر : زاد المعاد (5/224)
    ([82]) انظر : زاد المعاد (5/224)
    ([83]) انظر : زاد المعاد (5/224)
    ([84]) انظر : مجموع الفتاوى (33/23)
    ([85]) انظر : البناية (5/230) و بداية المجتهد (2/85) و أسنى المطالب (3/341) و الإنصاف (9/152).
    ([86]) انظر : مجموع الفتاوى (33/23)
    ([87]) انظر : الحاوي (10/116) و المبسوط (6/66).
    ([88]) انظر : الحاوي (10/117) وتهذيب سنن أبي داود (3/97).
    ([89]) انظر : المبسوط (6/66)
    ([90]) انظر : مجموع الفتاوى (33/101) وزاد المعاد (5/223)
    ([91]) انظر : المبسوط (6/66) ونظام الطلاق في الإسلام ص : 13.
    ([92]) انظر : المبسوط (6/66)
    ([93]) انظر : زاد المعاد (5/239)
    ([94]) فتح الباري (9/354ـ355)
    ([95]) انظر : المحلى (10/166)
    ([96]) رواه البخاري (5332) و مسلم (1471).
     
  3. شعبانت

    شعبانت Member

    رد: بحث كامل عن طلاق الحائض

    أدلة القول الثالث القائلين بوقوع طلاق الحائض :
    أولا دلالة الكتاب :
    الدليل الأول : قوله تعالى وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ [البقرة: 228]
    الدليل الثاني : قوله تعالى {الطلاق مرتان} [البقرة: 229]
    الدليل الثالث : قوله تعالى فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ [البقرة: 230]
    الدليل الرابع : قوله تعالى ولِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة: 241]
    وجه الاستدلال : هذه الآيات عامة في الطلاق و المطلقات و لم يفرق ربنا تبارك و تعالى بين الطلاق في الحيض و في طهر جامعها فيه أو في غيره فالطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه داخل في العموم ولا يخرج من هذا العموم شيء إلا بنص أو إجماع ([1]).
    الرد : هذا هو موطن النزاع فهل الطلاق البدعي يدخل في عموم النصوص أم لا ولايلزم من تسمية الشيء باسم شرعي أن يعطى حكمه فمثلا يقول ربنا تعالى{وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء} (22) سورة النساء فلا تدخل زوجة الأب في النكاح المباح وعن جابر بن عبدالله { أنَّه سمع رسول الله r يقول عام الفتح وهو بمكة إنَّ الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام "([2]) فلا تدخل هذه المحرمات في البيع المباح وإن سميت بيعا في الحديث ([3])
    الدليل الخامس : قوله تعالى {وَمَنْ َتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}
    وجه الاستدلال : من لم يطلق للسنة فهو متعد فقد عصى ربه وفارق امرأته([4])
    الرد : دلت الآية أن من طلق طلاقا بدعيا عاص لكن ليس في الآية ما يدل على وقوع الطلاق أو عدمه
    ثانيا دلالة السنة :
    الدليل السادس :
    عن سالم أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أخبره أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة كما أمر الله عز وجل" ([5])
    وجه الاستدلال : أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بمراجعة زوجته حينما طلقها حائضا و المراجعة لا تكون إلا بعد الطلاق فدل ذلك على لزوم الطلقة لأنه لا يقال لرجل زوجته في عصمته راجعها و لو كانت غير لازمة لقال دعه فليس هذا بشيء أو مره فليمسكها و نحو ذلك ([6])
    الرد :
    1 : أمر النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر بالرجعة المراد منه ردها إليه و ليس مراجعتها بعد الطلاق فالرجعة تأتي أحيانا في غير رجعة المطلق في العدة كما في قوله تعالى {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ } (230) سورة البقرة فسمى نكاح الرجل مطلقته بعد زوج رجعة فالمراد بالمراجعة في حديث ابن عمر المراجعة اللغوية أي رد المرأة فالعادة من الرجل إذا طلق امرأته اعتزلها ببدنه واعتزلته ببدنها ([7]).
    الجواب : هذا التأويل لايصح لوجوه :
    الأول : أن الرجعة بعد ذكر الطلاق تنصرف إلى رجعة الطلاق فيحمل اللفظ على الحقيقة الشرعية لا اللغوية.
    الثاني : فرق بين المراجعة و التراجع فالمراجعة من الزوج و التراجع لايكون إلا من اثنين فهو مفاعلة
    الثالث : ما ذكر في الحديث أنه أخرجها فيؤمر بردها ، وإنما ذكر الطلاق فكان منصرفا إلى رجعتها الرابع : المسلمون جعلوا طلاق ابن عمر أصلا في طلاق الرجعة وحكم العدة ووقوع الطلاق في الحيض ولم يتأولوا هذا التأويل
    الخامس : أن ابن عمر ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عدها عليه طلقة و يفتي بوقوع طلاق الحائض ـ وسيأتي ـ فجعل الرجعة لغوية يخالف فهم صاحب القصة([8])
    السادس :[ ما يروى عن ابن عمر أن رجلا أتى عمر فقال إني طلقت امرأتي البتة وهي حائض فقال عمر عصيت ربك وفارقت امرأتك فقال الرجل فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بن عمر حين فارق امرأته أن يراجعها فقال له عمر إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره أن يراجع بطلاق بقي له وإنه لم يبق لك ما ترجع به امرأتك ([9])
    وجه الاستدلال : فيه بيان أن المقصود بالرجعة الشرعية لا اللغوية ([10])
    2 : الأمر بالمراجعة على فرض أنه يلزم منه وقوع الطلاق لا يصلح لمعارضة النص الصريح "ولم يرها شيئا([11])
    الرد : رواية "ولم يرها شيئا" لاتصح كما تقدم و الثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم عدها واحدة كما سيأتي
    3 : استخدام الرجعة في مراجعة المطلقة طلاقا رجعيا اصطلاح مستحدث بعد عصر النبوة ولم تستعمل بهذا المعنى في القرآن أصلا بل استعمل الرد والإمساك فقط ([12])
    الرد : الرجعة اسم مرة من الرجوع والمصدر رجوعا وقد جاء في السنة لفظ الرجعة في رد المطلقة رجعيا فعن فاطمة بنت قيس قالت : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت أنا بنت آل خالد وإن زوجي فلانا أرسل إلي بطلاقي وإني سألت أهله النفقة والسكنى فأبوا علي قالوا يا رسول الله إنه قد أرسل إليها بثلاث تطليقات قالت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ([13])
    و إطلاق الرجعة على مراجعة المطلقة طلاقا رجعيا كثير في كلام الصحابة([14])
    الدليل السابع : عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه ، « أنه طلق امرأته وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فجعلها واحدة » ([15])
    وجه الاستدلال : هذا نص في موضع الخلاف فيجب المصير إليه([16])
    الرد :
    1 : قال ابن القيم : لعمر الله لو كانت هذه اللفظة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمنا عليها شيئا، ولصرنا إليها بأول وهلة، ولكن لا ندرى أقالها ابن وهب من عنده، أم ابن أبى ذئب، أم نافع، فلا يجوز أن يضاف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا يتيقن أنه من كلامه، ويشهد به عليه، وترتب عليه الأحكام، ويقال: هذا من عند الله بالوهم والاحتمال، والظاهر أنها من قول من دون ابن عمر رضى الله عنه، ومراده بها أن ابن عمر إنما طلقها واحدة، ولم يكن ذلك منه ثلاثا ؛ أى طلق ابن عمر رضى الله عنه امرأته واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ([17])
    الجواب : تابع ابن وهب أبو داود الطيالسي وتابع ابن أبي ذئب ابن جريج وتابع نافعا الشعبي ـ كما سيأتي ـ فلفظة " فجعلها واحدة " من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والأصل قبول خبر الثقة ولو فتح باب الاحتمالات ردت أكثر النصوص فيتمسك بالأصل وهو قبول خبر الثقة حتى يثبت خلافه([18])
    قال الألباني : هذه الروايات مما لم يقف عليها ابن القيم رحمه الله تعالى وظني أنه لو وقف عليها لتبدد الشك الذي أبداه في رواية ابن وهب ولصار إلى القول بما دل عليه الحديث من الاعتداد بطلاق الحائض والله تعالى هو الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد ([19])
    قال أبو عبد الرحمن : ـ رحمكما الله جميعا ـ هذا ما نعرفه عن ابن القيم أنه مع الدليل متجردا لطلب الحق هذا ما نحسبه ولانزكي على الله أحدا
    2 : "واحدة" يراد بها الطلقة التي ستكون في الطهر الثاني في قبل العدة لأنها أقرب مذكور إلى الضمير بل إنه لم يذكر غيرها في اللفظ النبوي الكريم وطلقة الحيض أشير إليها فيه فقط وفهمت من سياق الكلام فلا يمكن أن يعود الضمير إليها ويكون معنى قوله " واحدة" إن طلق كما أمر كانت طلقة واحدة ولاتكون طلقة ثانية لعدم الاعتداد بالأولى التي كانت لغير العدة فتكون هذه الرواية مؤيدة لرواية أبي الزبير ودليلا على بطلان الطلاق في الحيض([20]).
    الرد : الروايات الأخرى ترد هذا التوجيه منها رواية الشعبي وابن عمر نص على أنها حسبت عليه واحدة وكذلك رواية نافع .
    الدليل الثامن : عن الشعبي قال طلق ابن عمر امرأته واحدة وهي حائض فانطلق عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمره أن يراجعها ، ثم يستقبل الطلاق في عدتها وتحتسب بهذه التطليقة التي طلق أول مرة ([21]).
    وجه الاستدلال : فيه احتساب هذه الطلقة التي وقعت في الحيض المشار إليها بهذه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم.
    الدليل التاسع : عن ابن عمر قال طلقت امرأتي وهي حائض فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها إن شاء قال فقال عمر يا رسول الله أفتحتسب بتلك التطليقة قال نعم([22])
    وجه الاستدلال : أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن طلاق الحائض يحسب
    الرد : هذه الرواية لاتصح و المحفوظ أن الاستفهام من أنس بن سيرين و القائل ابن عمر
    الدليل العاشر : عن الحسن عن عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ، ثم أراد أن يتبعها بتطليقتين أخريين عن القرءين الباقيين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن عمر ما هكذا أمرك الله عز وجل قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء تطليقة قال فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فراجعتها ، ثم قال إذا هي حاضت ، ثم طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك فقلت يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان لي أن أراجعها قال إذا بانت منك وكانت معصية "([23])
    وجه الاستدلال : هذا الحديث نص في وقوع طلاق الحائض ووقوع طلاق الثلاث
    الرد : الحديث ضعيف و في آخره نكارة
    الدليل الحادي عشر : عن أنس عن معاذ بن جبل قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ من طلق في بدعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ألزمناه بدعته ([24])
    وجه الاستدلال : يلزم الطلاق البدعي و من الطلاق البدعي طلاق الحائض.
    الرد : الحديث ضعيف.
    ثالثا الأدلة من آثار الصحابة
    الدليل الثاني عشر :
    عن نافع كان ابن عمر إذا سئل عن الرجل يطلق امرأته وهى حائض يقول أما أنت طلقتها واحدة أو اثنتين. إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره أن يرجعها ثم يمهلها حتى تحيض حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها وأما أنت طلقتها ثلاثا فقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك. ([25])
    وجه الاستدلال : ابن عمر صاحب القصة يفتي بوقوع طلاق الحائض فأفتى من طلق ثلاثا في الحيض أنها لا تحل له ولو جاز أن تكون الطلقة الواحدة في الحيض لا يعتد بها لكانت الثلاث أيضا لا يعتد بها فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحسبها عليه طلقة لم يفت بوقوع طلاق الحائض([26])
    الرد : العبرة بما رواه لا بما رآه وفهمه وقد ترك جمهور العلماء قول بن عمر الذى فسر به قول النبي صلى الله عليه وسلم ( فاقدروا له ) في رؤية الهلال([27])
    الجواب : رأي ابن عمر موافق للثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في احتساب الطلقة في الحيض و ليس مخالفا له ومما يقوي عدم المخالفة تغيض رسول الله عليه فكيف يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم غضب عليه بسبب الطلاق في الحيض ولم يحتسبها عليه ثم يفتى بخلافه والله أعلم .
    الدليل الثالث عشر : عن ابن أبي ليلى عن نافع أن رجلا طلق امرأته وهي حائض ثلاثا فسأل بن عمر فقال عصيت ربك وبانت منك لا تحل لك حتى تنكح زوجا غيرك([28])
    وجه الاستدلال : كالذي قبله
    الرد : الأثر ضعيف لأجل ابن أبي ليلى
    الجواب : لم يتفرد به بل توبع كما في الرواية السابقة
    الدليل الرابع عشر : عن ابن عمر , قال: «من طلق امرأته وهي حائض ثلاثا فقد بانت منه وعصى ربه وخالف السنة» ([29])
    وجه الاستدلال : كالذي قبله
    الرد : الأثر ضعيف
    الدليل الخامس عشر :
    قال عبيد الله قلت لنافع ما صنعت التطليقة قال واحدة اعتد بها ([30])
    الدليل السادس عشر : عن بن جريج قال أرسلنا إلى نافع وهو يترجل في دار الندوة ذاهبا إلى المدينة ونحن جلوس مع عطاء أم حسبت تطليقة عبد الله امرأته حائضا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم واحدة قال نعم "([31])
    وجه الاستدلال : نافع من خاصة ابن عمر وأخبر أنها حسبت عليه طلقة واحدة
    الدليل السابع عشر : عن زيد بن ثابت قال : إذا طلق الرجل امرأته وهي نفساء لم تعتد بدم نفاسها في عدتها. ([32])
    وجه الاستدلال : زيد بن ثابت اثبت طلاق النفساء لكنه لم يجعل دم النفاس من عدتها فهذا طلاق بدعي و أمضاه زيد بن ثابت
    الدليل الثامن عشر : ما يروى أن رجلا أتى عمر فقال إني طلقت امرأتي البتة وهي حائض فقال عمر عصيت ربك وفارقت امرأتك "
    الدليل التاسع عشر : مايروى عن عثمان بن عفان كان يقضي في المرأة التي يطلقها زوجها وهي حائض أنها لا تعتد بحيضتها تلك وتعتد بعدها ثلاثة قروء ([33])
    وجه الاستدلال : حكم عمر و عثمان بوقوع طلاق الحائض
    الرد : الأثران ضعيفان
    رابعا الأدلة من النظر :
    الدليل العشرون : طلاق من مكلف في محل الطلاق فيقع كطلاق الحامل ([34])
    الرد : هذا قياس مع الفارق فطلاق الحامل مباح وطلاق الحائض و المطلقة في طهر جامعها فيه وهي غير حامل معصية
    الدليل الحادي والعشرون : ليس بقربة فيعتبر لوقوعه موافقة السنة بل هو إزالة عصمة وقطع ملك فإيقاعه في زمن البدعة أولى تغليظا عليه وعقوبة له([35])
    الرد : دل الدليل على عدم وقوعه
    الجواب : رواية أبي الزبير عن ابن عمر لاتصح
    الدليل الثاني والعشرون : طلاق مكلف صادف ملكا فوجب أن ينعقد كطلاق الطاهر ([36]).
    الرد : هذا قياس مع الفارق فطلاق الطاهر مباح وطلاق الحائض و المطلقة في طهر جامعها فيه وهي غير حامل معصية
    الدليل الثالث والعشرون : إزالة ملك مبني على التغليب ، والسراية فوجب أن ينفذ في حال الطهر ، والحيض كالعتق([37])
    الرد : طلاق الحائض منهي عنه والنهي يقتضي الفساد
    الجواب : تقدم أنه ليس كل نهي يقتضي الفساد ومنه النهي عن طلاق الحائض
    الدليل الرابع والعشرون : رفع الطلاق تخفيف ووقوعه تغليظ فطلاق المجنون لا يقع تخفيفا وطلاق السكران يقع تغليظا ؛ لأن المجنون ليس بعاص والسكران عاص . فكان المطلق في الحيض أولى بوقوع الطلاق تغليظا من رفعه عنه تخفيفا([38])
    الرد : القياس على طلاق السكران بجامع المعصية لايصح فليس وقوع طلاق السكران محل اتفاق
    الدليل الخامس والعشرون : الفروج يحتاط لها، والاحتياط يقتضى وقوع الطلاق([39])
    الرد : نتفق معكم في الاحتياط للفروج والاحتياط عدم إيقاع الطلاق تمسكا بالأصل ومع الخطأ يكون من جهة أحللناها لزوجها وهي محرمة عليه و إذا كان وقوع الطلاق في الحيض خطأ يكون الخطأ من جهتين تحريمها على زوجها و تحليلها لغيره([40])
    الدليل السادس والعشرون : كل حال تصح الزوجية فيه يصح إيقاع الطلاق فيه كالطهر ([41])
    الرد : هذه دعوى تحتاج إلى دليل ومع التسليم بذلك يرتفع الخلاف
    الدليل السابع والعشرون : فرق بين النكاح المحرم، والطلاق المحرم،فالنكاح عقد يتضمن حل الزوجة وملك بضعها، فلا يكون إلا على الوجه المأذون فيه شرعا، فإن الأبضاع فى الأصل على التحريم، ولا يباح منها إلا ما أباحه الشارع، بخلاف الطلاق، فإنه إسقاط لحقه، وإزالة لملكه، وذلك لا يتوقف على كون السبب المزيل مأذونا فيه شرعا، كما يزول ملكه عن العين بالإتلاف المحرم، وبالإقرار الكاذب، وبالتبرع المحرم، كهبتها لمن يعلم أنه يستعين بها على المعاصى والآثام([42])
    الرد : الاتلاف يزول حسا ولم يبق له محل. وأما زواله بالإقرار الكاذب، فأبعد وأبعد، فإنا صدقناه ظاهرا فى إقراره وألزمنا ملكه بالإقرار المصدق فيه وإن كان كاذبا. ([43])
    الدليل الثامن والعشرون : طلاق الهازل، يقع مع تحريمه فطلاق الجاد أولى أن يقع مع تحريمه([44]).
    الرد : طلاق الهازل، وقع، لأنه صادف محلا، وهو طهر لم يجامع فيه فنفذ وكونه هزل به إرادة منه أو لا يترتب أثره عليه، وذلك ليس إليه، بل إلى الشارع، فهو قد أتى بالسبب التام، وأراد ألا يكون سببه، فلم ينفعه ذلك، بخلاف من طلق فى غير زمن الطلاق، فإنه لم يأت بالسبب الذى نصبه الله سبحانه مفضيا إلى وقوع الطلاق، وإنما أتي بسبب من عنده، وجعله هو مفضيا إلى حكمه، وذلك ليس إليه. ([45])
    الجواب : لانوافق على أنه لم يأت بالسبب الذى نصبه الله سبحانه مفضيا إلى وقوع الطلاق فالدليل دل على أن الطلاق و إن كان بدعيا فهو سبب للفرقة
    الدليل التاسع والعشرون : فرق آخر بين النكاح المحرم، والطلاق المحرم، أن النكاح نعمة، فلا تستباح بالمحرمات، وإزالته وخروج البضع عن ملكه نقمة، فيجوز أن يكون سببها محرما. ([46])
    الرد : قد يكون الطلاق من أكبر النعم التى يفك بها المطلق الغل من عنقه، والقيد من رجله، فليس كل طلاق نقمة، بل من تمام نعمة الله على عباده أن مكنهم من المفارقة بالطلاق إذا أراد أحدهم استبدال زوج مكان زوج، والتخلص ممن لا يحبها ولا يلائمها، ثم كيف يكون نقمة والله تعالى يقول :{لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن} [البقرة: 236]، ويقول: {يأيها النبى إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن} [الطلاق: 1]؟ ([47])
    الدليل الثلاثون : النكاح لا يدخل فيه إلا بالتشديد والتأكيد من الإيجاب والقبول، والولى والشاهدين، ورضا الزوجة المعتبر رضاها، ويخرج منه بأيسر شىء، فلا يحتاج الخروج منه إلى شىء من ذلك، بل يدخل فيه بالعزيمة، ويخرج منه بالشبهة، فأين أحدهما من الآخر حتى يقاس عليه ([48])
    الرد : لا يخرج منه إلا بما نصبه الله سببا يخرج به منه، وأذن فيه: وأما ما ينصبه المؤمن عنده، ويجعله هو سببا للخروج منه فلايقع([49])
    الجواب : الطلاق في الحيض و إن كان محرما فقد نصبه الله سببا يخرج به من عقد النكاح .
    الدليل الحادي والثلاثون : أهل العلم من الصحابة و من أتى بعدهم يقسمون الطلاق إلى بدعي وسني
    والتقسيم دليل على أنه عندهم طلاق حقيقة، وشمول اسم الطلاق له كشموله للطلاق الحلال، ولو كان لفظا مجردا لغوا لم يكن له حقيقة، ولا قيل: طلق امرأته، فإن هذا اللفظ إذا كان لغوا كان وجوده كعدمه، ([50])
    الرد : تقدم الجواب على هذا الإيراد ([51])
    الدليل الثاني والثلاثون : النهي دليل ظاهر على تحقق المنهي عنه لأن النهي عما لا يتحقق لا يكون فإن موجب النهي الإنتهاء على وجه يكون المنهي فيه مختارا حتى يستحق الثواب إذا انتهى ويستوجب العقاب إذا أقدم وما لم يكن المنهي عنه متحققا في نفسه لا يتصور كونه مختارا في الانتهاء وقد قررنا هذا في النهي عن صوم يوم العيد([52]).
    الرد : تقدم الجواب على هذا الإيراد في الرد على الدليل. وصوم يوم العيد النهي فيه عائد لوصفه لا لأمر خارج عنه ([53])

    الدليل الثالث و الثلاثون :
    الظهار منكر من القول وزور ورتب الله عليه الحكم فكذلك الطلاق في الحيض منكر و يترتب عليه حكم
    الرد : فرق بين الطلاق و الظهار فالظهار لايقع إلا على الوجه المنكر فيترتب عليه الحكم بخلاف الطلاق فيقع على الوجه المأمور به وعلى الوجه المنهي عنه فلا يترتب عليه الحكم إلا إذا وقع على الوجه المأمور به و على التسليم بصحة القياس فيقال هذا قياس مقابل النص "فلم يرها شيئا" فهو فاسد([54])
    الجواب : تقدم أن هذه الرواية شاذة
    الدليل الرابع والثلاثون : ليس في الأحاديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استفسر من المطلق عند سؤاله عن الطلاق هل كان طلق في الحيض ، أو في طهر جامع فيه ، ولو كان الحكم يختلف لوجب الاستفسار([55])
    الرد : الوارد قضايا أعيان فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم علم الحال
    خامسا دلالة الإجماع :
    الإجماع على وقوع طلاق الحائض :
    قال أبو عبيد : الوقوع هو الذي عليه العلماء مجمعون في جميع الأمصار : حجازهم وتهامهم ، ويمنهم وشامهم ، وعراقهم ومصرهم([56])
    وقال ابن المنذر: كل من نحفظ عنه من أهل العلم و كذلك نقول ولا نعلم أحدا خالف ماذكرناه إلا فرقة من أهل البدع فإنهم زعموا أن الحائض لا يلحقها طلاق ([57])
    وقال أبو المعالي الجويني : اتفق حملة الشريعة على أن الطلاق - وإن كان محرَّماً - نافذٌ، ولا اكتراث بمخالفة الشيعة في ذلك([58])
    و قال الجصاص : الاتفاق يوجب إيقاع الطلاق في الحيض وإن كان معصية وزعم بعض الجهال ممن لا يعد خلافه أنه لا يقع إذا طلق في الحيض([59])
    و قال ابن عبد البر : وعلى هذا جماعة فقهاء الأمصار وجمهور علماء المسلمين وإن كان الطلاق عند جميعهم في الحيض بدعة غير سنة فهو لازم عند جميعهم ولا مخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال والجهل فإنهم يقولون إن الطلاق لغير سنة غير واقع ولا لازم وروي مثل ذلك عن بعض التابعين وهو شذوذ لم يعرج عليه أهل العلم من أهل الفقه والأثر في شيء من أمصار المسلمين([60])
    وقال أبو الوليد ابن رشد : ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عمر الطلقة التي طلقها في الحيض فقال مره فليراجعها دل ذلك أيضا على أن الطلاق لسنة ولغير سنة وهو مذهب جميع الفقهاء وعامة العلماء ولا يشذ في ذلك عنهم إلا من لايعتد بخلافه منهم([61])
    و قال القاضي عياض : الطلاق في الحيض محرم ولكنه إذا وقع لزم ... وذهب بعض الناس ممن شذ أنه لايقع الطلاق([62])
    و قال أبو العباس أحمد بن عمر القرطبي : الطلاق في الحيض يقع ، ويلزم . وهو مذهب الجمهور خلافا لمن شذ([63])
    و قال ابن قدامة : وقع طلاقه في قول عامة أهل العلم قال ابن المنذر و ابن عبد البر : لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال([64])
    و قال النووي : شذ بعض أهل الظاهر فقال لا يقع طلاقه ... و الصواب الأول وبه قال العلماء كافة([65])
    وقال خليل بن إسحاق المالكي : شذ بعض المبتدعة فقال بعدم اللزوم إذا طلق في الحيض وبذلك قال بعض البغداديين[66])
    و قال ابن الملقن : الطلاق في الحيض مكروه واقع عند جماعة الفقهاء ولا يخالفهم في ذلك إلا طائفة مبتدعة لايعتد بخلافها([67]) وقال : شذ بعض أهل الظاهر وابن علية ومن لا يعتد به من الخوارج والروافض فيه([68])
     
  4. شعبانت

    شعبانت Member

    رد: بحث كامل عن طلاق الحائض


    الآثار التي ساقها ابن حزم و ابن القيم لإثبات الخلاف عند السلف :
    1 : عن عكرمة أنه سمع بن عباس يقول الطلاق على أربعة وجوه وجهان حلال ووجهان حرام فأما الحلال فأن يطلقها طاهرا عن غير جماع أو حاملا مستبينا حملها وأما الحرام فأن يطلقها حائضا أو حين يجامعها لا يدري أشتمل الرحم على ولد أم لا" ([69])
    وجه الاستدلال : من المحال أن يجيز ابن عباس ما يخبر أنه حرام ([70])
    الرد : ليس كل محرم لغو لا يترتب عليه حكم فالظهار محرم ويترتب عليه حكم والطلاق البدعي في العدد يترتب عليه حكم كما سيأتي عن ابن مسعود و ابن عمر بل النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر طلاق الحائض كما تقدم و على كل حال الأثر ضعيف
    2 : عن الأعمش، أن ابن مسعود رضى الله عنه قال: من طلق كما أمره الله، فقد بيَّن الله له، ومن خالف، فإنا لا نُطِيقُ خِلافه([71])
    وجه الاستدلال : ولو وقع طلاقُ المخالف لم يكن الإفتاءُ به غير مطاق لهم، ولم يكن للتفريق معنى إذ كان النوعانِ واقعينَ نافذين ([72])
    الرد : قال أبو زرعة العراقي : هذه العبارة لا يفهم منها شيء مما قاله [ابن حزم] ([73])
    بل الظاهر أن ابن مسعود يرى وقوع الطلاق إذا كان بدعيا فعن علقمة بن قيس ، قال : جاء رجل إلى عبد الله ، فقال : إني طلقت امرأتي تسعا وتسعين . قال عبد الله : فما قالوا لك ؟ قال : قالوا : حرمت عليك . قال عبد الله : لقد أرادوا أن يشقوا عليك ، بانت منك بثلاث ، وسائرهن عدوان. ([74])
    وهذا طلاق بدعي في العدد و أمضاه ابن مسعود و هذا لايرد على ابن حزم لأنه يرى وقوع الثلاث لكنه يرد على ابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية
    3 : قال ابن حزم : نا يونس بن عبيد الله نا أحمد بن عبد الله ابن عبد الرحيم نا أحمد بن خالد نا محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي نا عبيد الله بن عمر عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال ابن عمر لا يعتد لذلك([75])
    وجه الاستدلال : أفتى ابن عمر بأن طلاق الحائض لايعتد به فلا يقع فأين الإجماع المدعى .
    الرد : هذه الرواية التي رواها ابن حزم فيها اختصار فروى الأثر ابن أبي شيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر في الذي يطلق امرأته وهي حائض ، قال : لا تعتد بتلك الحيضة. ([76]) فابن عمر أفتى بأن المطلقة في الحيض لاتعتد بهذه الحيضة فلا تحسب من عدتها و هذا صحيح أما طلاق الحائض فيفهم من هذا الأثر وقوعه عند ابن عمر فجعل المطلقة في الحيض لاتعتد بهذه الحيضة التي طلقت فيها و تعتد بما بعدها فأثبت طلاق الحائض والمنقول عنه مرفوعا و موقوفا عليه أن طلاق الحائض يقع وسيأتي وعلى فرض ثبوت رواية عبدالوهاب الثقفي بعدم الاعتداد بالطلاق في الحيض فيحكم بشذوذها .
    قال ابن رجب : هذا الأثر قد سقط من آخره لفظة وهي قال : لا يعتد بتلك الحيضة ، كذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة في كتابه ... ومراد ابن عمر أن الحيضة التي طلق فيها المرأة لا تعتد بها المرأة قرءا وهذا هو مراد خلاس وغيره .([77])
    وقال الألباني : من الأسباب التي حملت ابن القيم وغيره على عدم الاعتداد بطلاق الحائض ماذكره من رواية ابن حزم عن محمد بن عبد السلام الخشني نا محمد بن بشار نا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ـ فذكره رواية ابن حزم ثم أعقبها برواية ابن أبي شيبة ـ فهو بهذا اللفظ نص على أن الاعتداد المنفي ليس هو الطلاق في الحيض وإنما اعتداد المرأة المطلقة بتلك الحيضة فسقط الاستدلال المذكور ([78])
    4 : روى ابن حزم بإسناده عن محمد بن المثنى نا عبد الرحمن بن مهدي نا همام بن يحيى عن قتادة عن خلاس بن عمرو أنه قال في الرجل يطلق امرأته وهي حائض قال لا يعتد بها([79])
    وجه الاستدلال : خِلَاس بن عمرو من كبار التابعين و أفتى بعدم الاعتداد بطلاق الحائض فالخلاف موجود عند الصحابة و التابعين
    الرد : الأثر رواه ابن أبي شيبة حدثنا ابن مهدي ، عن همام بن يحيى عن قتادة ، عن سعيد [بن المسيب]، وخلاس قالا : لا تعتد بتلك الحيضة([80])
    فكلام خلاس في عدم الاعتداد بالحيضة و ليس بعدم الاعتداد بالطلاق كما بينته هذه الرواية .
    و على فرض ثبوت لفظة " لا يعتد بها" تتأول على مايوافق الأمر المعروف المشهور بوقوع الطلاق في الحيض وتقدم قول ابن رجب أن مراد خلاس لم تعتد بتلك الحيضة.
    5 : روى ابن حزم : من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الله بن طاوس عن أبيه أنه كان لا يرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق ووجه العدة([81])
    وجه الاستدلال : طاوس بن كيسان من الطبقة الوسطى من التابعين و يرى عدم وقوع الطلاق البدعي
    الرد : الأثر ضعيف و على فرض صحته قوله "كان لايرى طلاقا ما خالف وجه الطلاق" يحتمل أنه لايراه واقعا و يحتمل أنه لايراه جائزا فصرفه للاحتمال الثاني أولى ليوافق المعروف من وقوع طلاق الحائض
    قال أبو زرعة العراقي وهو قابل للتأويل بأن يريد أنه لا يراه طلاقا مباحا([82])
    6 : روى ابن حزم : من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الله بن طاوس عن أبيه أنه كان يقول وجه الطلاق أن يطلقها طاهرا عن غير جماع أوإذا استبان حملها([83])
    الرد : ليس في كلامه التعرض للحكم الوضعي للطلاق البدعي فإن قيل يحمل كلامه هنا على الطلاق الواقع للأثر السابق قيل ليس الأثر السابق نصا في عدم وقوع الطلاق البدعي ليحمل عليه هذا الأثر
    7 : قال ابن القيم ([84]): هذا قول ابي قلابة قال ابن ابي شيبة([85]) حدثنا عبدالرزاق عن معمر عن ابي قلابة قال اذا طلق الرجل امراته وهي حائض فلا يعتد بها"
    وجه الاستدلال : عبدالله بن زيد الجرمي أبو قلابة من الطبقة الوسطى من التابعين ويرى عدم وقوع طلاق الحائض فلا إجماع .
    الرد : الأثر رواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال إذا طلقت المرأة حائضا لم تعتد بذلك واستقبلت الحيض بعده ([86]) فلا يعتد بها أي بهذه الحيضة و ليس بالطلاق.
    فالأثار الذي ذكره ابن حزم وابن القيم رحمهما الله ليس فيها ما يثبت وقوع الخلاف عند الصحابة والتابعين
    بقية النقول عن وقوع الخلاف من بعض السلف :
    8 : نسبه الثعلبي لسعيد بن المسيب([87]) : و لم أقف عليه مسندا ووقفت على قول له يوافق الجمهور عن سعيد بن أبي عروبة قال سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فقال حدثني قتادة عن بن المسيب وأبو معشر عن إبراهيم قالوا تعتد به من أقرائها وقال مطر عن الحسن قال هو قرء من أقرائها"([88])
    ففي هذه الرواية الضعيفة يقع طلاق الحائض عند ابن المسيب
    وقال سعيد بن المسيب في أخرى : لا يقع الطلاق في الحيض([89]) فعلى هذه النسخة يكون لسعيد بن المسيب قولان قول يوافق الجمهور وقول يخالفه وفي بعض النسخ : قال سعيد بن المسيب في آخرين
    وقال ابن رجب روي ذلك أيضا عن جماعة من السلف ، منهم : زيد بن ثابت[والثابت عنه وقوع طلاق النفساء] ، وسعيد بن المسيب، فوهم جماعة من المفسرين وغيرهم كما وهم ابن حزم فحكوا عن بعض من سمينا أن الطلاق في الحيض لا يقع ، وهذا سبب وهمهم ، والله أعلم([90]) .
    و الذي يغلب على ظني أن نسبة عدم وقوع طلاق الحائض لابن المسيب لاتصح فسعيد بن المسيب من كبار تابعي المدينة وسيأتي عن أبي الزناد أن فقهاء المدينة على وقوع طلاق الحائض
    9 : قال الماوردي طلاق البدعة في حيض أو في طهر مجامع فيه ... وحكي عن ابن علية والسبعة وبعض أهل الظاهر أنه غير واقع([91])
    فقهاء المدينة السبعة و هم من كبار التابعين سعيد بن المسيب وتقدم الكلام على نسبة القول له وعروة بن الزبير وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وسليمان بن يسار وخارجة بن زيد بن ثابت
    ولم قف على نسبة هذا القول للفقهاء السبعة مسندا و الظاهر عدم صحة نسبة هذا القول
    فالثابت عن أهل المدينة وقوع الطلاق في الحيض فعن أبي الزناد عبدالله بن ذكوان عن الفقهاء من أهل المدينة : كانوا يقولون: من طلق امرأته وهى حائض أو هى نفساء فعليها ثلاث حيض سوى الدم الذى هى فيه([92]) و أبو الزناد من صغار التابعين ففقهاء المدينة صغار الصحابة و كبار التابعين يرون وقوع طلاق الحائض و النفساء لكن لاتعتد بالدم الذي طلقت فيه ونسبه لهم ابن المنذر ([93])
    وسليمان بن يسار روى عن زيد بن ثابت قال : إذا طلق الرجل امرأته وهي نفساء لم تعتد بدم نفاسها في عدتها. وتقدم ([94]) فيستبعد مخالفته لزيد في وقوع الطلاق البدعي
    10 : قال شيخ الإسلام ابن تيمية :الطلاق المحرم الذى يسمى طلاق البدعة اذا أوقعه الإنسان هل يقع أم لا فيه نزاع بين السلف والخلف والأكثرون يقولون بوقوعه مع القول بتحريمه وقال آخرون لا يقع مثل ... ومحمد بن اسحاق وحجاج بن أرطاة ... ومنهم من لايقول بتحريم الثلاث ... وأما جمع الثلاث فأقوال الصحابة فيها كثيرة مشهورة([95])
    فكلام شيخ الإسلام عن الطلاق البدعي في الحيض وفي طهر جامعها فيه و في جمع الثلاث ولم يبين رأي ابن إسحاق و الحجاج في أي المسائل الثلاث و النزاع هل وقع الإجماع في عدم الاعتداد في الطلاق في الحيض و في طهر جامعها فيه لا في إيقاع الثلاث فقد اختلف السلف هل تكون واحدة أو ثلاثا؟.
    وعلى فرض أن خلافهما في عدم الاعتداد في طلاق الحائض فلم أقف عليه مسندا لنعرف هل صح النقل أم لا؟
    و محمد بن إسحاق من صغار تابعي المدينة وتقدم أن فقهاء المدينة على وقوع طلاق الحائض
    و الحجاج بن أرطاة كوفي من أتباع التابعين وسيأتي أن أهل الكوفة على وقوع طلاق الحائض
    موقف فقهاء التابعين من طلاق الحائض :
    أهل مكة على وقوع طلاق الحائض فعن ابن جريج قال أرسلنا إلى نافع وهو يترجل في دار الندوة ذاهبا إلى المدينة ونحن جلوس مع عطاء أم حسبت تطليقة عبد الله امرأته حائضا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم واحدة قال نعم "
    فأهل مكة على وقوع طلاق ابن عمر لكن اختلفوا هل هي واحدة أو ثلاث فسألوا نافعا
    وكذلك فقهاء المدينة وتقدم ([96])
    وكذلك أهل البصرة المعروف عندهم وقوع طلاق الحائض فعن ابن سيرين قال مكثت عشرين سنة يحدثنى من لا أتهم أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثا وهى حائض فأمر أن يراجعها فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير الباهلى. وكان ذا ثبت فحدثنى أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلق امرأته تطليقة وهى حائض ([97]) فاستشكل محمد بن سيرين أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر بمراجعة امرأته مع أنه طلقها ثلاثا فلما حدثه يونس بن جبير أن ابن عمر طلق امرأته طلقة زال هذا الإشكال
    قال الحافظ ابن رجب : استنكار ابن سيرين لرواية الثلاث يدل على أنه لم يعرف قائلا معتبرا يقول : إن الطلاق المحرم غير واقع ، وإن هذا القول لا وجه له ([98])
    وعن الشعبي عن شريح أن رجلا طلق امرأته ثلاثا وهي حائض أتعتد بعد هذه الحيضة ثلاث حيض ولا تحتسب بهذه الحيضة التي طلقها فيها؟ فقال هو الذي الناس عليه([99]) فذكر القاضي شريح أن عمل الناس على وقوع طلاق الحائض إنما خلافهم هل تحسب الحيضة من عدتها أم لا و الناس هم الصحابة و التابعون من أهل الكوفة فشريح القاضي كوفي مخضرم لكن الأثر ضعيف.
    ونسبه ابن المنذر لأهل الشام وأهل مصر([100])
    وروي عن ابن المسيب و إبراهيم النخعي والحسن البصري وقوع طلاق الحائض و الخلاف عندهم هل تعتد بهذه الحيضة أم لا فعن سعيد بن أبي عروبة قال سئل عن رجل طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فقال حدثني قتادة عن بن المسيب وأبو معشر عن إبراهيم قالوا تعتد به من أقرائها وقال مطر عن الحسن قال هو قرء من أقرائها" وتقدم ([101])
    مناقشة نفي الإجماع على وقوع طلاق الحائض : نازع من لايرى وقوع طلاق الحائض وأنكر الإجماع .
    قال ابن حزم : لو لم يبلغنا خلاف لكان القاطع على جميع أهل الإسلام بما لا يقين عنده به ولا بلغه عن جميعهم كاذبا على جميعهم ... والعجب من جرأه من ادعى الإجماع على خلاف هذا وهو لا يجد فيما يوافق قوله في إمضاء الطلاق في الحيض أو في طهر جامعها فيه كلمة عن أحد من الصحابة رضي الله رواية عن ابن عمر قد عارضها ما هو أحسن منها عن ابن عمر وروايتين ساقطتين عن عثمان وزيد بن ثابت ([102])
    وقال ابن القيم المسألة من مسائل النزاع لا من مسائل الإجماع([103]) فالخلاف فى وقوع الطلاق المحرَّم لم يزل ثابتاً بين السلف والخلف، وقد وهم من ادعى الإجماعَ على وقوعه، وقال بمبلغ علمه، وخفى عليه مِن الخلاف ما اطلع عليه غيرُه، وقد قال الإمامُ أحمد: من ادعى الإجماع، فهو كاذب، وما يُدريه لعلَّ الناسَ اختلفوا.كيف والخلافُ بين الناس فى هذه المسألة معلومُ الثبوت عن المتقدمين والمتأخرين([104])
    و قال أحمد شاكر : الخلاف في وقوع الطلاق البدعي من زمن الصحابة([105])
    والخلاف واقع فنقل الخلاف الماوردي فقال : طلاق السنة مجمع على وقوعه والثاني : ما لا سنة فيه ولا بدعة مجمع على وقوعه. والثالث : مختلف فيه وهو طلاق البدعة في حيض أو في طهر مجامع فيه ([106]) و بعض من تقدم ينقلون الخلاف ويعدونه شذوذا
    فلاشك أن الخلاف موجود لكن متى وجد الخلاف ؟
    تقدم أن المنقول عن ابن عباس و ابن مسعود وطاوس بن كيسان ليس فيه دلالة على عدم وقوع طلاق الحائض والمنقول عن ابن عمر أنه أفتى بعدم طلاق الحائض الصواب أن الفتوى بعدم الاعتداد بالحيضة لابالطلاق ومثله المنقول عن خلاس بن عمرو و أبي قلابة.
    فالآثار الذي ذكرها ابن حزم وابن القيم رحمهما الله ليس فيها ما يثبت وقوع الخلاف عن الصحابة والتابعين في عدم وقوع طلاق الحائض
    و المنسوب للفقهاء السبعة و لمحمد بن إسحاق لم ينقل مسندا بل الظاهر أنهم يرون وقوع طلاق الحائض و الفقهاء في عهد التابعين في مكة والمدينة و البصرة والكوفة يرون وقوع طلاق الحائض.
    و المنسوب للحجاج بن أرطاة لم يذكر مسندا لينظر هل وقع الخلاف عند أتباع التابعين
    فالصحابة رضي الله عنهم لم يصح عنهم عدم وقوع طلاق الحائض وصح عن ابن عمر وقوع طلاق الحائض و عن زيد بن ثابت وقوع طلاق النفساء و صح عن الصحابة ابن مسعود وعمر أن من طلاقا ثلاثا بانت منه امرأته وهذا طلاق خلاف السنة .
    فلم ينقل خلاف عن الصحابة في عدم الاعتداد بطلاق الحائض والنفساء
    قال التهانوي من ادعى الإجماع لايدعي الإجماع القطعي بل الإجماع الظاهر وهو عدم ثبوت الخلاف فمن ادعى الخلاف فعليه إقامة الدليل على دعواه ... فالروايات التي نقلها في إثبات الخلاف غير كافية لإثبات ما ادعاه ... فينبغي أن يحتج برواية صريحة فيما يدعونه وأنى لهم ذلك ... ولم ينقل عن واحد من الصحابة لابسند صحيح ولاضعيف أنه خالف ابن عمر في وقوع طلاق الحائض بل نقل عن كثير من الصحابة أنهم أفتوا بوقوع الثلاث بفم واحد وهو نظير طلاق الحائض في كونه طلاقا خلاف السنة فيكون حكمهم في الحائض هو ماكان في الطلقات الثلاث ([107])
    اما التابعون فلم أقف على خلاف صحيح صريح عنهم في عدم وقوع طلاق الحائض.ونقل العيني الإجماع حيث قال : إذا طلقت المرأة وهي حائض يعتبر ذلك الطلاق وأجمع أئمة الفتوى من التابعين وغيرهم. ([108])
    وكذلك أتباع التابعين لم أقف على نقل صحيح في ثبوت الخلاف عنهم والله أعلم
    خلاف المبتدعة : تقدم نسبة الخلاف لهشام بن الحكم وابن علية وهما من أهل البدع وينسبان لأهل السنة ([109]) وينسب عدم وقوع طلاق الحائض للشيعة([110]) و الخوارج([111])
    فأبو عبيد القاسم بن سلام نقل الإجماع على وقوع طلاق الحائض ووفاته سنة 224 :
    وهو معاصر لهشام بن الحكم و إبراهيم بن إسماعيل بن علية فلعله لم يعتد بخلافهما لأنهما من المبتدعة و الإمام أحمد المعاصر لأبي عبيد أشار إلى الخلاف قال ابن رجب : قال الإمام أحمد في رواية أبي الحارث ، سئل عمن قال : لا يقع الطلاق المحرم ؛ لأنه يخالف ما أمر به ، فقال : هذا قول سوء رديء ([112]) و داود الظاهري معاصر لهما واختلف النقل عنه في وقوع طلاق الحائض وعدمه([113])
    فالذي ظهر لي أنه لم يحفظ خلاف عن الصحابة في وقوع طلاق الحائض والنفساء أما التابعون و أتباعهم فالمنقول عنهم إما صحيح غير صريح أو صحيح لكن المراد به عدم الاعتداد بالحيضة لا بالطلقة أو نسبة لهم غير مسندة. فيبقى النظر والبحث في خلاف التابعين ـ وماذكره العيني من إجماعهم على وقوع الطلاق ليس بعيدا ـ و في خلاف من أتى بعدهم ثم بعد أزمن متأخرة وجد الخلاف عند بعض أهل العلم من أهل السنة فأول من اشتهر عنه هذا القول ابن حزم المتوفى سنة 456 ومن أتى بعده أخذه عنه وساق أدلته
    الفهرس

    -------------------------------------------
    ([1]) انظر : اختلاف الحديث للشافعي ص : 261 و المنتقى (5/375) والشرح الممتع (13/47)
    ([2]) رواه البخاري (2236) و مسلم (1581).
    ([3]) انظر : مجموع الفتاوى (33/26ـ27) وزاد المعاد (5/235)
    ([4]) انظر : التمهيد (15/59) وزاد المعاد (5/229)
    ([5]) رواه البخاري (4908) و مسلم (1471).
    ([6]) انظر : أحكام القرآن للجصاص (1/530) و معرفة السنن والآثار (5/453) و الحاوي (10/116) والمنتقى (5/374) والتمهيد (15/58) و شرح النووي على مسلم (10/89) وفتح الباري (9/353).
    ([7]) انظر : المحلى (10/166) والحاوي (10/116) و مجموع الفتاوى (33/22) و تهذيب السنن (3/100،96) وزاد المعاد (5/228) و سبل السلام (3/360) ونيل الأوطار (6/224) و الشرح الممتع (13/49)
    ([8]) انظر : الحاوي (10/116) و شرح النووي على مسلم (10/89) و طرح التثريب (7/88) وفتح الباري (9/353) و إعلاء السنن (11/178).
    ([9])رواه الطبراني في الأوسط (8029) حدثنا موسى بن هارون نا إسماعيل بن إبراهيم الترجماني نا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رجلا أتى عمر فذكره
    و رواه الدارقطني (4/7) عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز و أحمد بن إبراهيم القهستاني عن إسماعيل بن إبراهيم الترجماني به وإسناده ضعيف .
    قال الطبراني لم يرو هذا الحديث بهذا اللفظ عن عبيد الله بن عمر إلا سعيد بن عبد الرحمن تفرد به الترجماني . و قال الدارقطني قال لنا أبو القاسم [عبد الله بن محمد بن عبد العزيز أبو القاسم البغوي] روى هذا الحديث غير واحد لم يذكروا فيه كلام عمر ، ولا أعلم روى هذا الكلام غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي
    اسماعيل بن ابراهيم بن بسام أبو إبراهيم الترجماني.قال احمد وابن معين وابو داود والنسائي ليس به بأس وقال أبو حاتم شيخ وقال ابن قانع ثقة وذكره ابن حبان في الثقات.
    وسعيد بن عبدالرحمن الجمحي قاضي بغداد.قال صالح بن أحمد عن أبيه ليس به بأس وحديثه مقارب وقال عثمان الدارمي عن ابن معين ثقة وقال يعقوب بن سفيان لين الحديث وقال أبو حاتم صالح وقال النسائي لا بأس به وقال الساجي يروي عن هشام وسهيل أحاديث لا يتابع عليها وقال ابن عدي له غرائب وأرجو أنها مستقيمة وإنما يهم في الشئ بعد الشئ فيرفع موقوفا ويصل مرسلا لا عن تعمد.ووثقه ابن نمير وموسى بن هارون والعجلي والحاكم أبو عبد الله وقال ابن حبان يروي عن عبدالله بن عمر وغيره من الثقات اشياء موضوعة يتخايل إلى من سمعها أنه كان المتعمد لها ـ وبقية رواته ثقات ـ فلا يقبل تفرده بهذا الحديث عن عبيد الله بن عمر و الله أعلم
    ([10]) انظر : فتح الباري (9/353)
    ([11]) نيل الأوطار (6/225)
    ([12]) نيل الأوطار (6/225) ونظام الطلاق في الإسلام ص : 21
    ([13]) رواه سعيد بن منصور (1358) (1/363) والنسائي (3403) ورواته ثقات
    ([14]) انظر : سنن سعيد بن منصور (1317) (1/353) ومصنف عبدالرزاق (6/315،319) ومصنف ابن أبي شيبة (5/[​IMG]
    ([15]) رواه أبو داود الطيالسي (68) حدثنا ابن أبي ذئب ، عن نافع ، عن ابن عمر رضي الله عنه فذكره و إسناده صحيح
    و تابع أبا داود الطيالسي يزيد بن هارون عند الدارقطني في سننه (4/9) وابن وهب انظر فتح الباري (9/353).
    وصحح إسناد أحمد شاكر في نظام الطلاق في الإسلام ص : 21 وقال الألباني في الإرواء (7/126) إسناده صحيح على شرط الشيخين
    و رواه الدارقطني (4/10) نا أبو بكر نا عباس بن محمد نا أبو عاصم عن بن جريج عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هي واحدة " رواته ثقات
    أبو بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري وعباس بن محمد الدوري و أبو عاصم الضحاك بن مخلد ثقات و عبد العزيز بن جريج ثقة لكن لم يصرح بالسماع قال الإمام أحمد : ابن جريج إذا قال قال فلان وقال فلان وأخبرت جاء بمناكير و قال الدارقطني شر التدليس تدليس ابن جريج فإنَّه قبيح التدليس لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح.
    قال الألباني في الإرواء (7/134) إسناد صحيح إن كان ابن جريج سمعه من نافع
    تنبيه : في مطبوعة دار المعرفة لسنن الدارقطني مع التعليق المغني عياش بن محمد و التصحيح من مطبوعة دار المعرفة (3/263) تحقيق عادل أحمد و زميله و عياش بن محمد أيضا ثقة
    ([16]) عمدة القاري (17/6) وفتح الباري (9/353)
    ([17]) زاد المعاد (5/237). انظر : المحلى (10/165)
    ([18]) انظر: فتح الباري (9/353) ونيل الأوطار (6/224) و إرواء الغليل (7/134)
    ([19])الإرواء (7/135).
    ([20]) نظام الطلاق في الإسلام ص : 21
    ([21]) رواه الدارقطني في سننه (4/11) حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا الحسن بن سلام ، حدثنا محمد بن سابق ، حدثنا شيبان عن فراس عن الشعبي فذكره " رواته ثقات
    محمد بن سابق فما فوقه من رجال البخاري على كلام يسير في محمد بن سابق . و الحسن بن سلام السواق ترجم له الذهبي في السير فقال : الإمام، الثقة، المحدث ... قال أبو بكر الخطيب: ثقة صدوق. وعثمان بن أحمد بن عبدالله الدقاق وثقه الدارقطني والخطيب
    و الشعبي له رواية عن ابن عمر وروايته عن عمر مرسلة قال الذهبي في مهذب سنن البيهقي (6/2916) مرسل
    قال الألباني في الإرواء (7/131) إسناد صحيح رجاله ثقات على شرط الشيخين
    ورواه البيهقي في سننه (7/326) أخبرنا أبو عبد الله : محمد بن أحمد بن أبى طاهر الدقاق ببغداد حدثنا أحمد بن سلمان حدثنا أحمد بن زهير بن حرب حدثنا محمد بن سابق أبو جعفر إملاء من كتابه به.
    ([22]) رواه الخطيب في الفصل للوصل المدرج (1/154) أنا الحسن بن أبي بكر بن شاذان والدارقطني في سننه (4/5) قالا حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق ، حدثنا عبد الملك بن محمد أبو قلابة ، حدثنا بشر بن عمر ، حدثنا شعبة عن أنس بن سيرين قال سمعت ابن عمر يقول فذكره" رواته ثقات
    عثمان بن أحمد بن عبدالله الدقاق وثقه الدارقطني والخطيب و عبدالملك بن محمد بن عبدالله أبو قلابة الرقاشي قال أبو داود رجل صدق أمين مأمون وقال الدارقطني صدوق كثير الخطأ في الاسانيد والمتون كان يحدث من حفظه فكثرت الاوهام في روايته وقال أبو جعفر بن جرير الطبري ما رأيت احفظ منه وقال مسلمة وكان راوية للحديث متقنا ثقة وبشر بن عمر بن الحكم بن عقبة الزهراني الازدي قال أبو حاتم صدوق ووثقه ابن سعد و العجلي وقال الحاكم ثقة مأمون
    لكن هذه الرواية شاذة فرواه الجماعة ـ وسيأتي تخريج رواياتهم ـ سليمان بن حرب و محمد بن جعفر و النضر بن شميل و بهز بن أسد و خالد بن الحارث و يحيى بن سعيد القطان و حجاج بن منهال و يزيد بن هارون ييروونه عن شعبة عن أنس بن سيرين قلت لابن عمر أفاحتسبت بتلك التطليقة قال ... . فالاستفهام من أنس بن سيرين و القائل ابن عمر.
    و رواه الخطيب في الفصل للوصل المدرج (1/154) أخبرنا الحسن بن أبي بكر نا محمد بن العباس بن نجيح من لفظه نا أحمد بن حرب نا عبدالله بن خيران نا شعبة بن أنس بن سيرين إنه سمع ابن عمر يقول طلقت امرأتي وهي حائض فذكر عمر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها قال فيحتسب بالتطليقة قال فمه "إسناده ضعيف
    محمد بن العباس بن نجيح جاء في ترجمته في تاريخ بغداد حدثنا عنه أبو الحسن بن رزقويه وذكر لنا انه كان حافظا ... حدثني عبد الله بن أبى الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر قال كان محمد بن العباس بن نجيح ثقة
    و احمد بن حرب بن مسمع قال الخطيب في ترجمته :كان حسن الحديث ثبتا في الرواية ... حدثنا محمد بن العباس بن نجيح البزار حدثنا احمد بن حرب بن مسمع ثقة ثقة ... قال لنا أبو الحسن الدارقطني كان احمد بن حرب المعدل ثقة
    عبدالله بن خيران البغدادي قال العقيلى: لا يتابع على حديثه وتعقبه الخطيب في تاريخ بغداد فقال قلت قد اعتبرت من رواياته أحاديث كثيرة فوجدتها مستقيمة تدل على ثقته والله اعلم
    و ترجم له الذهبي في السير فقال المحدث الصدوق وقال في المغني في الضعفاء قال العقيلي لا يتابع على حديثه يعني من حيث السند وقبله غيره
    فهذه الرواية منكرة و الله أعلم لما تقدم .
    قال الخطيب في الفصل للوصل المدرج (1/155) الحديث الأول فقد صرح فيه أن عمر استفهم من النبي صلى الله عليه وسلم بقوله أفيحتسب بتلك التطليقة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أجابه بقوله نعم .وأما الحديث الثاني فإن الاستفهام أدرج فيه والظاهر منه أنه مثل الأول وذلك وهم والصواب أن الاستفهام من قول أنس بن سيرين وأن جوابه قول ابن عمر بين ذلك محمد بن جعفر غندر ويحيى بن سعيد القطان والنضر بن شميل المازني في روايتهم عن شعبة
    و ذكر الحافظ في النكت على مقدمة ابن الصلاح (2/815) الحديثين مثالا على المدرج الذي يصرح بعض الرواة بتفصيل المدرج فيه عن المتن المرفوع فيه بأن يضيف الكلام إلى قائله
    ([23])رواه الطبراني في مسند الشاميين (2455) حدثنا علي بن سعيد الرازي ، حدثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ، حدثنا أبي ، حدثنا شعيب بن رزيق حدثني عطاء الخرساني عن الحسن عن عبد الله بن عمر فذكره إسناده ضعيف
    علي بن سعيد الرازي قال الدارقطني ليس في حديثه كذلك حدث بأحاديث لم يتابع عليها وقال ابن يونس كان حسن الفهم ووثقه مسلمة بن القاسم
    ويحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير قال أحمد نعم الشيخ وقال أبو حاتم كان رجلا صالحا صدوقا ووثقه النسائي ومسلمة بن قاسم وذكره ابن حبان في الثقات
    وعثمان بن سعيد بن كثير وثقه الإمام أحمد وابن معين والذهبي
    ورواية الحسن عن ابن عمر مرسلة عند بعضهم قال الحاكم لم يسمع من ابن عمر وقال بهز بن أسد سمع منه حديثا واحدا
    و في آخر الحديث نكارة حيث لم يذكره الرواة الثقات
    وقال أبو داود عقب حديث (2185) وروي عن عطاء الخراساني عن الحسن عن ابن عمر فذكرها بصيغة التمريض . و قال ابن حزم في المحلى (10/170) في غاية السقوط وقال العيني في البناية (5/6) ذكره عبدالحق في أحكامه وأعله بعطاء الخراساني وقال إنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لايقبل ماتفرد به. وقال ابن القيم في تهذيب السنن (3/110) حديث قد تكلم الناس فيه وأنكروه على عطاء الخراساني , فإنه انفرد بهذه اللفظة دون سائر الرواة , قال البيهقي : وأما الحديث الذي رواه عطاء الخراساني عن ابن عمر في هذه القصة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " السنة أن يستقبل الطهر فيطلق لكل قرء " , فإنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها , وهو ضعيف في الحديث لا يقبل منه ما ينفرد به . وقال في زاد المعاد (5/262) هذه الزيادة والوصلة التي فيه فقلت يا رسول الله لو طلقتها ثلاثا أكانت تحل لي ؟ إنما جاءت من رواية شعيب بن زريق وهو الشامي وبعضهم يقلبه فيقول زريق بن شعيب وكيفما كان فهو ضعيف وقال في إغاثة اللهفان (1/318) الثقات الأثبات الأئمة الذين رووا حديث ابن عمر هذا لم يأت أحد بما أتى به شعيب ألبتة
    وقال ابن عبد الهادي في تنقيح التحقيق (3/210) الحديث فيه نكارة، وفي رجاله عطاء الخراساني قال ابن حبان كان عطاء من خيار عباد الله، غير أنه كان رديء الحفظ، كثير الوهم، يخطئ ولا يعلم، فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به وفي سنده أيضاً شعيب بن زريق الشامي، أبو شيبة المقدسي، سكن طرسوس، وهو لين .
    لكن قول أبي حاتم إن الحسن لم يشافه ابن عمر لكن قال الإمام أحمد إنه سمع من ابن عمر رواه صالح ابنه عنه وقيل لأبي زرعة: الحسن لقي ابن عمر؟ قال: نعم . وقال بهز بن أسد: سمع الحسن من ابن عمر حديثا .
    وقال الشوكاني في السيل الجرار (2/345) لم يثبت ولا تقوم بمثله الحجة
    ([24]) رواه الدارقطني (4/20) حدثنا محمد بن مخلد ، حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد ، (ح) وحدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، ورواه البيهقي (7/327) أخبرنا أبو الفوارس : الحسن بن أحمد بن أبى الفوارس أخو الشيخ أبى الفتح الحافظ رحمه الله ببغداد حدثنا أبو بكر : أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم حدثنا أبو جعفر : محمد بن يوسف قالوا حدثنا إسماعيل بن أبي أمية الذارع ، حدثنا حماد بن زيد ، حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس قال سمعت معاذ بن جبل قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إسناده ضعيف
    إسماعيل بن أمية و يقال بن أبي أميه ضعفه شديد قال الدارقطني ضعيف متروك الحديث و قال ابن حزم ساقط .
    قال ابن حزم في المحلى (10/165) موضوع بلا شك لم يروه أحد من أصحاب حماد بن زيد الثقات إنما هو من طريق إسماعيل بن أمية الذراع فإن كان القرشي الصغير البصري وهو بلا شك فهو ضعيف متروك وإن كان غيره فهو مجهول لا يعرف من هو ومن طريق عبد الباقي بن قانع راوي كل كذبة المنفرد بكل طامة وليس بحجة لأنه تغير بأخرة. وتعقب الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ابن حزم فقال قال بن حزم اختلط بن قانع قبل موته بسنة وهو منكر الحديث تركه أصحاب الحديث جملة قلت ما أعلم أحدا تركه وإنما صح أنه اختلط فتجنبوه.
    وذكر الحديث الغساني في الأحاديث الضعاف من سنن الدارقطني (715) وقال عبدالحق في الأحكام الوسطى (3/192) في إسناده إسماعيل بن أمية وهو متروك وقال ابن القيم في زاد المعاد (5/237) وإغاثة اللهفان (1/317) حديث باطل و ضعف الحديث السيوطي في الجامع الصغير (8841) و الألباني في ضعيف الجامع (5702)
    ([25]) رواه البخاري (5332) و مسلم (1471) و اللفظ له
    ([26]) انظر : التمهيد (15/63)
    ([27]) انظر : الفتاوى (33/90) وزاد المعاد (5/236).
    ([28])تقدم يأتي تخريجه
    ([29]) تقدم يأتي تخريجه
    ([30]) رواه مسلم (1471)
    ([31]) رواه عبد الرزاق (10957) عن ابن جريج فذكره وإسناده صحيح على شرط الشيخين
    ([32])رواه ابن أبي شيبة (5/160) حدثنا وكيع قال : حدثنا جرير بن حازم , عن قيس بن سعد , عن بكير بن عبد الله بن الأشج , عن سليمان بن يسار , عن زيد بن ثابت فذكره و إسناده صحيح
    رواته ثقات أبو عبد الملك قيس بن سعد معاصر لبكير بن عبد الله بن الأشج وله رواية عنه في سنن البيهقي الكبرى
    ورواه ابن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس , عن هشام , عن قيس بن سعد , عن بكير بن عبد الله بن الأشج , عن سليمان بن يسار , عن زيد بن ثابت قال : إذا طلقت النفساء لا تعتد بذلك الدم.
    و إسناده صحيح
    و رواه عبد الرزاق (10966) عن هشام بن حسان عن قيس بن سعد مولى نافع عن رجل سماه عن زيد بن ثابت أنه قال في رجل طلق امرأته وهي حائض يلزمه الطلاق وتعتد ثلاث حيض سوى تلك الحيضة ورواته ثقات عدا من أبهم و بينته رواية ابن أبي شيبة بكير بن عبد الله بن الأشج , عن سليمان بن يسار
    و هذه الرواية هي التي ذكرها ابن حزم في المحلى (10/163) و قال عنها رواية ساقطة
    وقال ابن القيم في زاد المعاد (5/238) أثر زيد: فيه مجهول عن مجهول: قيس بن سعد، عن رجل سماه عن زيد
    ([33]) رواه ابن حزم في المحلى (10/164) من طريق ابن وهب عن ابن سمعان عن رجل أخبره أن عثمان بن عفان فذكره
    و عبد الله بن وهب يروي عن عبدالله بن زياد بن سليمان بن سمعان وضعفه شديد كذبه الإمام مالك وقال الإمام أحمد متروك. و حكم ابن حزم على هذه الرواية بالسقوط . و قال ابن القيم في زاد المعاد (5/238) لا يصح أبدا، فإن أثر عثمان، فيه كذاب عن مجهول لا يعرف عينه ولا حاله، فإنه من رواية ابن سمعان، عن رجل
    ([34]) انظر : المغني (8/238) وكشاف القناع (5/240)
    ([35]) انظر : الكافي فبي فقه أهل المدينة ص : 263 والمغني (8/238) وكشاف القناع (5/240)
    ([36]) انظر : الحاوي (10/116)
    ([37]) انظر : المنتقى (5/376) و الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    ([38]) انظر : اختلاف الحديث للشافعي ص : 261 والمنتقى (5/376) والحاوي (10/116)
    ([39]) انظر : زاد المعاد (5/232)
    ([40]) انظر : زاد المعاد (5/240)
    ([41]) انظر : الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    ([42]) انظر : زاد المعاد (5/232)
    ([43]) انظر : زاد المعاد (5/239)
    ([44]) انظر : زاد المعاد (5/232)
    ([45]) انظر : زاد المعاد (5/239)
    ([46]) انظر : زاد المعاد (5/232)
    ([47]) انظر : زاد المعاد (5/240)
    ([48]) انظر : زاد المعاد (5/232)
    ([49]) انظر : زاد المعاد (5/240)
    ([50]) انظر : زاد المعاد (5/233)
    ([51]) الرد على الدليل الرابع من أدلة وقوع طلاق الحائض
    ([52]) انظر : المبسوط (6/66)
    ([53]) انظر : النهي يقتضي الفساد ص : 277 خلاف للأحناف الذين يصححون النهي و إن كان عائدا لوصف المنهي عنه .
    ([54]) انظر : مجموع الفتاوى (33/89) وتهذيب السنن (3/96) وزاد المعاد (5/238) والشرح الممتع (13/48)
    ([55]) انظر : مجموع فتاوى ابن باز (21/281)
    ([56]) انظر : جامع العلوم ص : 93
    ([57]) الأوسط (9/149) . و انظر : الإشراف (5/187)
    ([58]) نهاية المطلب في دراية المذهب (14/[​IMG]
    ([59]) أحكام القرآن (1/530)
    ([60]) التمهيد (15/58)
    ([61]) المقدمات (1/264).
    ([62]) إكمال المعلم (5/5،[​IMG]
    ([63]) المفهم (4/225)
    ([64]) المغني (8/237)
    ([65]) شرح النووي على مسلم (10/88)
    ([66]) التوضيح شرح مختصر ابن الحاجب (4/38)
    ([67]) التوضيح لشرح الجامع الصحيح (25/197)
    ([68]) الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (8/338).
    ([69]) رواه عبد الرزاق (10950) عن وهب بن نافع فذكره وإسناده ضعيف
    وهب بن نافع الصنعاني عم عبد الرزاق ذكره البخاري في الكبير و ابن أبي حاتم في الجرح و التعديل ولما يذكرا فيه جرحا ولاتعديلا وذكره ابن حبان في ثقاته وبقية رجاله ثقات
    وروى الحديث البيهقي (7/325) و الدارقطني (4/5) بإسناديهما عن عبد الرزاق ورواه ابن المنذر في الأوسط (7601) عن عبد الرزاق وأشار إلى ضعفه بقوله وروي عن ابن عباس ....
    ([70]) انظر : المحلى (10/163).
    ([71])روى ابنُ وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش عن ابن مسعود فذكره
    انظر : المحلى (10/163) وزاد المعاد (5/225)
    و رواة ما أظهر من السند ثقات لكنه منقطع رواية سليمان بن مهران عن ابن مسعود مرسلة
    وروى ابن حزم في الإحكام (8/509) بإسناده عن محمد بن بشار نا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة أن رجلا وامرأته أتيا ابن مسعود في تحريم فقال إن الله تعالى بين فمن أتى الأمر من قبل وجهه فقد بين له ومن خالف فوالله ما نطيق خلافه وربما قال خلافكم " ورواته ثقات
    ([72]) انظر : زاد المعاد (5/225)
    ([73]) طرح التثريب (7/89)
    ([74]) تقدم سيأتي تخريجه
    ([75]) المحلى (10/163)
    ([76]) المصنف (5/5) ورواته ثقات
    ورواه يحيى بن معين في تاريخه رواية الدوري (4/297) حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة. قال يحيى وهذا غريب ليس يحدث به إلا عبد الوهاب الثقفي.و لم يتفرد به عبد الوهاب الثقفي عبد الوهاب ثقة تغير قبل موته بثلاث . قال الذهبي في الميزان (5321) : لكنه ماضره تغير حديثه فإنَّه ما حدث بحديث في زمن التغير . وذكر له حديثاً تفرد به فقال : لا ينكر له إذا تفرد بحديث بل بعشرة.
    و رواه البيهقي (7/418) بإسناده عن يحيى بن معين به .
    و صححه ابن حزم في المحلى (10/165) وصحح إسناده الحافظ في فتح الباري (9/354) والشوكاني في نيل الأوطار (6/226) وأحمد شاكر في نظام الإسلام في الطلاق ص : 19
    وابن القيم في تهذيب السنن (3/101) وقال في زاد المعاد (5/236) صح عن ابن عمر بإسناد كالشمس ... .
    وتابع عبد الوهاب الثقفي يحيى بن أيوب فرواه البيهقي في معرفة السنن والآثار (5/454) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه أخبرنا عبيد بن شريك حدثنا ابن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب قال حدثني عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حائض قال : فاعتد ابن عمر بالتطليقة ولم تعتد امرأته بالحيضة." إسناده حسن لغيره
    عبيد بن عبدالواحد بن شريك البزار قال الدارقطني صدوق.وأبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه ترجم له الذهبي في السير فقال الإمام، العلامة، المفتي، المحدث، شيخ الإسلام، أبو بكر أحمد بن إسحاق بن أيوب بن يزيد النيسابوري، الشافعي، المعروف بالصبغي وبقية رجاله ثقات.
    فالمحفوظ عدم الاعتداد بالحيضة و ليس الطلاق ولو أحتيج للترجيج فرواية عدم الاعتداد بالحيضة أرجح فابن أبي شيبة و ابن معين أرجح من محمد بن بشار وكذلك جاء ذكر الحيضة من طريق يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن عمر و الله أعلم .
    ([77]) جامع العلوم والحكم ص : 93 . وانظر : فتح الباري (9/354).
    ([78]) الإرواء (7/135)
    ([79]) المحلى (10/163)
    ([80]) المصنف (5/6) و رواته ثقات لكن فيه عنعنة قتادة .وسعيد هو ابن المسيب .
    قال ابن القيم في الصواعق المرسلة (2/629) وصح عن خلاس بن عمر ...
    ([81]) المحلى (10/163).
    رواه عبد الرزاق (10925) ورواته ثقات وهو على شرط مسلم لو سلم من عنعنة ابن جرريج.
    ([82]) طرح التثريب (7/89)
    ([83]) المحلى (10/163).
    رواه عبد الرزاق (10923) ورواته ثقات وهو على شرط مسلم لو سلم من عنعنة ابن جرريج.
    ([84]) إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان ص : 63 .
    ([85]) المصلنف (5/5) و إسناده صحيح على شرط مسلم .
    ([86]) المصنف (10967)
    ([87]) انظر : الكشف والبيان عن تفسير القرآن (9/332)
    ([88]) عبد الرزاق (10974) عن عثمان بن مطر عن سعيد بن أبي عروبة به إسناده ضعيف
    عثمان بن مطر الشيباني ضعيف ضعفه ابن معين وفي رواية عنه ليس بشئ وقال علي بن المديني عن أبيه ضعيف جدا وقال أبو زرعة ضعيف الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث منكر الحديث وقال أبو داود والنسائي ضعيف وقال النسائي أيضا ليس بثقة.وقال ابن عدي كان حافظا للحديث.وقال البخاري عنده عجائب وقال هو وأبو أحمد الحاكم منكر الحديث وقال الساجي فيه ضعف وقال ابن عدي متروك الحديث وأحاديثه عن ثابت خاصة مناكير والضعف على حديثه بين وبقية رجاله ثقات . و فيه عنعنة قتادة
    ([89]) تفسير القرطبي (18/100) طبعة دار الكتب العلمية الطبعة الأولى
    ([90]) جامع العلوم والحكم ص : 93.
    ([91])الحاوي (10/115)
    ([92]) رواه البيهقي في الكبرى (7/418) أخبرنا أبو الحسن [على بن محمد بن يوسف البغدادى] الرفاء حدثنا عثمان بن محمد بن بشر حدثنا إسماعيل [بن إسحاق] القاضى حدثنا ابن أبى أويس حدثنا ابن أبى الزناد عن أبيه فذكره و إسناده حسن
    ابن أبى أويس إسماعيل بن عبدالله بن عبدالله شيخ للبخاري ومسلم على كلام في حفظه
    وابن أبي الزناد عبدالرحمن بن عبدالله بن ذكوان توسط فيه الحافظ فقال صدوق تغير حفظه لما قدم بغداد وبقية رجاله ثقات
    ([93]) انظر : الأوسط (9/149)
    ([94]) انظر :
    ([95]) مجموع الفتاوى (33/81 ـ82)
    ([96]) انظر :
    ([97]) رواه مسلم (1471)
    ([98]) جامع العلوم والحكم ص : 92
    ([99]) رواه عبد الرزاق (10965) عن الثوري عن ليث عن الشعبي فذكره إسناده ضعيف
    ليث بن أبي سليم قال الحافظ ابن حجر عنه : صدوق اختلط جداً ولم يتميز حديثه فترك
    ([100]) انظر : الأوسط (9/149)
    ([101]) انظر :
    ([102]) انظر : المحلى (10/163)
    ([103]) الصواعق المرسلة (2/629)
    ([104]) زاد المعاد (5/221) و انظر : (5/233ـ234) وتهذيب السنن (3/103)
    ([105]) انظر : نظام الإسلام في الطلاق ص : 59
    ([106]) الحاوي (10/115)
    ([107]) إعلاء السنن (11/180)
    ([108]) عمدة القاري (17/5).
    ([109]) انظر : الحاوي (10/115) والمغني (8/238) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    هشام بن الحكم رافضي معتزلي ترجم له الحافظ ابن حجر في لسان الميزان فقال من كبار الرافضة ومشاهيرهم وكان مجسما ... قال محمد بن إسحاق النديم كان عارفا بصناعة الكلام له فيه مصنفات كثيرة ووفاته سنة 179 وقيل غير ذلك
    ابن علية هو إبراهيم بن إسماعيل بن علية قال الذهبي جهمي هالك كان يناظر و يقول بخلق القرآن مات سنة 218 و قال ابن عبد البر في التمهيد (6/296).إسماعيل بن علية هذا له شذوذ كثير ومذاهب عند أهل السنة مهجورة وليس قوله عندهم مما يعد خلافاً ولا يعرج عليه. فمن شذوذه عدم جواز الإجارة وأن دية المرأة كالرجل. انظر : غاية المقتصدين شرح منهج السالكين
    تنبيه : [هكذا في نسختي من التمهيد ] و أبوه إسماعيل بن إبراهيم ثقة حافظ روايته في الصحيحين [فلعله سقط اسم إبراهيم والله أعلم]
    ([110]) انظر : المبسوط (6/66) والحاوي (10/115) ومعالم السنن (3/201)والمغني (8/238) الإشراف على نكت مسائل الخلاف (2/736)
    ([111]) انظر : معالم السنن (3/201).
    ([112]) انظر : جامع العلوم ص : 92
    ([113]) ونسب ابن العربي في القبس (2/723) والباجي في المنتقى (5/375) والعكبري في رؤوس المسائل الخلافية (4/177) القول لداود بعدم وقوع الطلاق في الحيض وفي طهر جامعها فيه. وقال ابن عبد البر في الاستذكار (6/144) : قال داود كل من طلق امرأته حائضا واحدة أو اثنتين أجبر على رجعتها وإن طلقها نفساء لم يجبر على رجعتها . فيفهم من ذلك أن داود يرى وقوع الطلاق في الحيض والله أعلم
    .بحثٌ موسع للشيخ أحمد الزومان