منتديات ايجي نت


> >


منتدى ايجى نت الاسلامى .: منتدى خاص بالمواضيع الاسلامية وعلوم القرأن الكريم والمحاضرات والخطب الاسلامية :.

  #1  
07-07-2014, 12:23 AM
للتوبة شروط

يقول الحق تبارك وتعالى(إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَٰئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)160البقرة، ويقول تعالى (إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمً)70الفرقان، فالتوبة في القرآن الكريم مقرونة باﻹصلاح والتبيان والإيمان والعمل الصالح.. وشروط التوبة عند العلماء هي الإقرار والاعتراف بالذنب(الخطأ) والندم عليه، والإقلاع عنه، والعزم على عدم العودة إليه.. وإذا كان الذنب متعلقا بأحد من العباد، فيزيد العلماء شرطا آخر وهو رد المظالم إلى أهلها.. والتوبة وفق هذا المفهوم هي عملية مراجعة ذاتية كاملة.. فالعبد لن يبدأ في عملية التوبة قبل أن يحاسب نفسه "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا"، ويكتشف مواطن الخلل والخطأ والزلل، ومن ثم يعترف بخطئه ويقر به ثم يقلع عنه ويسعى ﻹصلاحه، ثم يغير مسارات حياته.. التوبة بهذا المعنى تحتوي مفهومين من مفاهيم التنمية الذاتية وتطوير الذات، هما مفهوم المراجعة الذاتية، ومفهوم التغيير الذاتي ..
ولاشك أن التوبة عن المفاهيم والتصورات واﻷفكار الخاطئة أهم من التوبة عن التصرفات واﻷفعال الخاطئة ذاتها،لأن الأعمال صالحها وفاسدها تتبع النية والقصد، والنية والقصد إنما تنتج عن التصور والاعتقاد.. "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".. إن فساد التصور يفسد العمل، فمثلا فساد الاعتقاد يفسد العمل ولو بدا للناس صالحا، يقول تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)65الزمر.. ولذلك حرص الإسلام قرآنا وسنة باستمرار على تصحيح المفاهيم والتصورات والمراجعة الفكرية لأتباعه من أمثلة ذلك:( قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ)14الحجرات ..إلى أن قال:(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)15الحجرات.. وحسب بعض الناس أن طريق الإيمان إلى الجنة مفروش بالأزهار والرياحين لا فتنة فيه ولا اضطهاد ولا عذاب، فنزل القرآن يدرأ هذا الوهم، ويخطّئ هذا الفهم (الم1أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ2وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ3)العنكبوت.. ومن الناس من يحسب أن التغيير المادي سبب التغيير في عالم النفس، فيقرر القرآن عكس ذلك، ويبين أن التغيير الروحي والمعنوي هو الأصل والأساس:(إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)11الرعد. وهكذا ظل القرآن الكريم ثلاثة وعشرين عاماً يبين الحقائق ويزيف الأباطيل، ويصحح التصورات والمفاهيم، وصحح النبي صلى الله عليه وسلم مفاهيم كثيرة جداً لعل أهمها مفهوم الإيمان، فليس الإيمان بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل:"لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"، " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به"، "ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره جائع"، وحقيقة القوة؛ فيردها إلى قوة النفس لا إلى قوة الجسم: "ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب). ومثل ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم "أتدرون من المفلس؟"، وحديث "أتدرون ما الغيبة؟"، وغير ذلك كثير..
إن مراجعة المفاهيم والتصورات والأفكار والحال كذلك هي المقدمة الطبيعية للتوبة الفكرية والثقافية، التي هي أُمّ التوبة، لأنها توبة نصوح عن بواعث الأعمال الخاطئة.. إن واحدة من أعظم صور تصحيح المفاهيم ومراجعة التصورات والأفكار والأخذ على أيدي المسلمين للمراجعة الذاتية ومحاسبة أنفسهم، في القرآن الكريم، هي التي أعقبت غزوة أُحد بعدما أصاب المسلمين ما أصابهم من مصيبة وقرح، فنزل القرآن الكريم يواجههم بحقيقتهم: (أَوَ لَمّا أَصَابَتْكُمْ مّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنّىَ هَـَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنّ اللّهَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)165آل عمران، ويعدد الله عز وجل أسباب الهزيمة فلا يحدثنا عن قوة الأعداء ولا عن فجرهم في الخصومة، وإنما يحصر أسباب الهزيمة فيما يخص المجتمع المسلم نفسه من أخطاء وظواهر (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِۖحَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ)152آل عمران، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواۖوَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْۗإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ(155آل عمران، لقد نزل تعقيب القرآن الكريم على أحداث غزوة أُحد بعد عودة النبي صلى الله عليه وسلم وجيشه إلى المدينة، رغم ما أصاب القوم من جراح، وما اتخذه الله تعالى منهم من شهداء، ورغم شماتة الأعداء وتربصهم بالمسلمين من كل صوب وحدب.. هذا هو منهج القرآن في تصويب الأخطاء ومراجعة النفوس عقب حدوث الخطأ الكبير في غير تلكؤ ولا تهاون ولا تبرير.. ولم يقل قائل: إنّ في نزول مثل هذه الآيات البيّنات فرصة للكفار ليتغنوا بأخطاء المسلمين في المعركة.. وقد كانت الحرب الإعلامية بين قريش والمسلمين على أشدها.. لكن هذا هو منهج الحق تبارك وتعالى أن يعالج الأخطاء ويربي النفوس أولا بأول .. إن أول سبل تحقيق النصر القضاء على الأسباب الداخلية والنفسية والتربوية للهزيمة.. في ضوء هذه المعاني الربانية نحن في أحوج ما نكون إلى ممارسة فضيلة المراجعة الذاتية الفكرية والثقافية والمنهجية في رمضان، ليتوب الله علينا من خطايا التصور والتباس المفاهيم..
  #3  
08-07-2014, 12:12 AM
رد: للتوبة شروط

الف شكر
لمرورك الكريم
و ردك العطر

الكلمات الدلالية (Tags)
للتوبة, شروط


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 



الساعة الآن 05:15 AM

Powered by vBulletin
الاختلاف عن البقية معنى الإبداع وصنع الشيء المستحيل ..(المقلدون خلفنا دائماً) من قلدنا أكد لنا بأننا الأفضل..