الحمد لله وكفى، والصلاة والسلام على النبي المصطفى، أما بعد: فإن الأيمان وكفاراتها من أكثر المسائل التي يحتاجها الناس في حياتهم اليومية؛ لذلك لخَّصتُ بتصرف ما جاء عنها في كتاب "مغني المحتاج" للخطيب الشربيني رحمه الله تعالى. تعريف اليمين: هي توثيق كلام غير ثابت المضمون بذِكْرِ أحد أسماء الله عز وجل، أو ذِكْرِ صفة من صفاته، بصيغة مخصوصة. بماذا تنعقد اليمين؟ لا تنعقد اليمين إلا بأن يحلف بذات الله تعالى، أو صفة من صفاته. ومثال الحلف بالذات: (والله). ومثال الحلف بالصفة: (ورب العالمين). هل تنعقد اليمين بالمخلوقات؟ لا تنعقد اليمين بالمخلوقات. ومثاله: (وحق النبي، والملائكة، والكعبة). ما حكم الحلف بغير الله تعالى؟ الحلف بغير الله تعالى مكروه. ودليله ما روى الشيخان: (إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً: فليحلف بالله أو ليصمت). ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف بغير الله فقد كفر) [رواه الترمذي]؟ أولاً: أن من حلف بغير الله؛ فقد أتى فعلاً مشابهاً لفعل الكفار؛ حيث يحلفون بغير الله تعالى، وفيه تنفير من الإتيان بمثل هذه الفعلة القبيحة. ثانياً: أن من اعتقد فيما حلف به من التعظيم ما يعتقده في الله تعالى؛ فقد أشرك وكفر. هل تنعقد يمين من قال: (وحقِّ الله)؟ لو قال الحالف في يمينه: (وحقِّ الله)؛ فهو يمين إن نوى اليمين قطعاً، وكذا إن أطلق ولم ينو؛ لأنه يغلب استعمال هذا اللفظ في اليمين؛ فحمل الإطلاق عليه. هل تنعقد يمين من حلف بالقرآن الكريم؟ إن الحلف بالقرآن الكريم يمين؛ لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى، والكلام صفة من صفات الله، قال تعالى: (وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا) [النساء:164]. وقد سبق بيان أن اليمين تنعقد بكل صفة من صفاته سبحانه. لو حلف قائلاً: (واللهُ لأفعلن). هل تنعقد يمينه؟ إن التصريح بحرف من حروف القسم (الباء أو الواو أو التاء) تنعقد به اليمين بلا نية، سواء أرفع الحالف أم نصب أم جر. من قال لشخص: (أُقسم عليك بالله)، أو (أسألك بالله لتفعلنَّ). فهل ينعقد اليمين، وعلى مَن يكون؟ إن أراد الحالف يمين نفسه فيمين، ويُسنُّ للمخاطَب أن يبرَّ إن لم يتضمن الإبرار ارتكاب محرم أو مكروه، فإن لم يبره فالكفارة على الحالف. أما إن أراد يمين المخاطب أو لم يرد يميناً، بل التشفع إليه، أو أطلق؛ فلا يكون يميناً في الصور الثلاث. ما حكم من قال: (إن فعلتُ كذا؛ فأنا يهودي أو نصراني)؟ أولاً: هذا القول ليس بيمن؛ لخلوه عن ذكر اسم الله تعالى وصفته. ثانياً: لا كفارة على قائله في الحنث به. ثالثاً: الحلف بذلك القول معصية، والتلفظ به حرام. رابعاً: كل ما مرَّ إذا قصد به تبعيد نفسه عن المحلوف عليه، أما لو قال ذلك على قصد الرضا بالتهود وما في معناه إذا فعل ذلك الفعل؛ كفر في الحال. ما الحكم إذا حلف على شيء فسبق لسانه إلى غيره؟ يُعَدُّ هذا من لغو اليمين، ولا كفارة عليه. ما الحكم إذا دخل على صاحبه فأراد أن يقوم له، فقال: (والله لا تقوم)، وقام؟ يُعَدُّ هذا من لغو اليمين، ولا كفارة عليه. ما الحكم إن قال: (والله ما فعلت كذا، أو فعلته) كاذباً عامداً؟ هذه هي اليمين الغموس التي تغمس صاحبها في الإثم، أو في النار، وهي من الكبائر، وفيها الكفارة. ما حكم من حلف على ترك واجب أو فعل حرام؟ من حلف على ترك واجب كقوله: (والله لا أصلين الصبح). أو حلف على فعل حرام كقوله: (والله لآخذن رشوة). فقد عصى بحلفه في الصورتين، ويلزم هذا الشخص: الحنث -بأن يفعل الواجب ويمتنع عن الحرام- والكفارة؛ لأن بقاءه على تلك الحالة معصية لله تعالى. ما هي كفارة اليمين، وما هو سبب وجوبها؟ كفارة اليمين: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم. يخير بين هذه الثلاث، فمن لم يستطع واحدة منها صام ثلاثة أيام، ولا يُشترط تتابعها. أما سبب وجوبها فهو الحنث واليمين معاً. هل يجوز تقديم الكفارة قبل أن يحنث الحالف في يمينه؟ يجوز للحالف تقديم الكفارة إذا كانت عتقاً أو إطعاماً أو كسوة قبل أن يحنث في يمينه. أما الصوم فلا يجوز تقديمه على الحنث باليمين. مثال: لو حلف قائلاً: (والله لا أدخل دار خالتي). ثم أراد أن يدخلها ليصل رحمه، جاز أن يطعم عشرة مساكين، أو أن يكسوهم قبل أن يدخل، كما يجوز أن يطعمهم أو يكسوهم بعد دخوله. لكن إذا لم يملك ثمن الإطعام أو الكسوة؛ فلا يصوم للكفارة حتى يدخل الدار ويحنث بيمينه. ما هو ضابط الإطعام أو الكسوة؟ يُطعم كلَّ مسكين مدَّ طعام من غالب قوت البلد؛ أي: (600) غم من القمح أو الأرز. ويجوز إخراجها بالقيمة عند الحنفية، وتُقدَّر قيمتها المالية بـ(60) قرشاً لكل مسكين. أما الكسوة، فبكل ما يُسمى كسوة مما يُعتاد لبسه: كقميص، أو بنطال، أو ثوب، أو إزار، أو رداء، ولا يُشترط أن يصلح ما ذكر من كسوة للمدفوع إليه، فيجوز ثوب صغير لكبير لا يصلح له. ما حكم من حلف فقال: (والله لا ألبس هذين الثوبين). فلبس أحدهما، أو قال: (والله لا أكلم هذين الرجلين). فكلم أحدهما؟ لا يحنث الحالف إذا لبس ثوباً من ثوبين، أو كلم رجلاً من رجلين؛ لأن يمينه واحدة على مجموع الأمرين، ولم يتحقق؛ فهو لم يلبس الثوبين، ولم يكلم الرجلين. ما حكم من حلف فقال: (والله لا ألبس هذا الثوب ولا هذا الثوب). أو (لا أكلم هذا الرجل ولا هذا الرجل)؟ يحنث الحالف بمجرد لبس أحد الثوبين، أو تكليمه أحد الرجلين؛ لأنه أعاد حرف النفي (لا)، وهذه الإعادة جعلت كلاًّ منهما مقصوداً باليمين على انفراد. ما حكم من حلف فقال: (والله لآكلن هذين الرغيفين)، أو (لأكلمن هذين الشخصين)؟ إذا أكل الرغيفين أو كلم الشخصين لا يحنث بيمينه، أما إذا أكل رغيفاً أو كلم شخصاً واحداً فيُعَدُّ حانثاً.
رد: مسائل في الأيمان الموضوع مافيهوش اسناد ياريت تتحرى اسناد هزا الموضوع حتى لا يكتب علينا زنب ونأسم بهزا وشكراااااااا